فصل : فأما فضربان : أحدهما أن يجعل له عند الأمر بردها عوضا فذلك مستحق ، فإن كان عوضا معلوما وعقدا صحيحا استحقه ، وإن كان عوضا مجهولا وعقدا فاسدا استحق أجرة المثل ، قال الله تعالى : رد الضالة عن أمر مالكها قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم [ يوسف : 72 ] ، وكان حمل البعير عندهم معلوما كالوسق ، والضرب الثاني أن لا يذكر مع الأمر بالرد عوضا لا صحيحا ولا فاسدا ، بل قال له فلان : جئني بعبدي الآبق . فقد اختلف أصحابنا هل يستحق عليه أجرة مثله بمجرد الأمر أم لا ؟ على أربعة أوجه :
أحدها وهو مذهب الشافعي : أنه لا أجرة له ، سواء كان معروفا بأخذ الأجرة على ذلك أو لا ، لتردد الأمرين بين احتمال تطوع واستعجال .
والوجه الثاني وهو مذهب المزني : له أجرة المثل ، سواء كان معروفا بذلك أو غير معروف لاستهلاك منافعه بأخذه .
والوجه الثالث وهو مذهب ابن سريج : أنه إن كان معروفا بذلك فله أجرة المثل ، وإن كان غير معروف فلا أجرة له اعتبارا .
والوجه الرابع وهو مذهب أبي إسحاق المروزي : أنه إن ابتدأه مالك العبد بالأمر ، فعليه أجرة المثل ، وإن استأذنه الجاني بالضالة فأذن له ، فلا أجرة له اقتصارا على حكم أسبق الحالين .