مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " ولا  أقر اللقيط بأنه عبد لفلان وقال الفلان ما ملكته ، ثم أقر لغيره بالرق بعد   ، لم أقبل إقراره وكان حرا في جميع أحواله " .  
قال  الماوردي      : وصورتها في لقيط بالغ ابتداء من غير دعوى فأقر برقه لزيد ، فأنكر زيد أن يكون مالكه ، فأقر اللقيط بعد ذلك برقه لعمرو ، فإقراره مردود وهو حر في الظاهر إلا أن تقوم بينة برقه لمالك فيحكم بها دون الإقرار .  
وقال  أبو العباس بن سريج      : إقراره مقبول للثاني وإن رده الأول ، كما كان إقراره مقبولا للأول ، وهكذا لو أنكره الثاني فأقر الثالث قبل منه ، وبه قال أهل  العراق   استدلالا بأنه لو أقر بنسبه لرجل فرده ، ثم أقر بنسبه لغيره جاز ، فكذلك إذا  أقر برقه لرجل فرده ثم أقر به لآخر   جاز ، وهكذا لو أقر بدار في يده لرجل فرد إقراره ثم أقر بها لغيره نفذ إقراره ، فكذلك في الرق : لأنه لا يخلو من أن يجري مجرى النسب ، وقد ذكرنا جواز ذلك فيه أو مجرى المال ، وقد ذكرنا جوازه فيه ، وهذا الذي قاله أبو العباس ومن وافقه من أهل  العراق   خطأ من وجهين : أحدهما أن إقراره بالرق للأول إقرار بأنه لا رق عليه لغير الأول ، فإذا رد الأول الإقرار فقد رفع رقه عنه بالإنكار فصار إقراره بالرق إذا رد كالعتق فلم يجز أن يقر بعد الرق ، والثاني أن في الحرية حقا لله تعالى وحقا للآدمي ، فصار أغلظ من حق الله تعالى إذا تجرد من حق الآدمي إذا انفرد فلم يكن لمن جرى حكمه عليه أن يدفعه عن نفسه ، فأما ما استدل به من إقراره بالنسب فقد كان بعض أصحابنا يضيق عليه الفرق بينهما فيجعل الحكم فيهما سواء ، ويقول : إذا رد إقراره بالنسب لم أقبله إذا أقر به من بعد ، كما لو رد في العتق لم أقبله من بعد . وذهب سائر أصحابنا إلى أنه يقبل في النسب ولا يقبل في الرق ، والفرق بينهما من وجهين :  
أحدهما : أن إنكاره الرق يقتضي أن لا رق ، وليس إنكاره للنسب موجبا لرفع النسب .  
والثاني : أن من أنكر شيئا ، ثم أقر به قبل منه ، ومن أنكر الرق ثم أقر به لم يقبل منه ، وأما الإقرار بالدار فإذا رده المقر له لم يقبل إقرار المقر بها لغيره ، وإنما جعل الثاني أحق بها من حيث أنه لا منازع له فيها ، ولا بد لكل ملك من مالك وليس كذلك اللقيط : لأنه قد يكون حرا وليس له مالك .  
 [ ص: 67 ] 
				
						
						
