مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كان أيضا رجوعا " . كان الموصى به قمحا فخلطه بقمح ، أو طحنه دقيقا فصيره عجينا
قال الماوردي : وهذه ثلاث مسائل :
أحدها : إذا كان هذا رجوعا ؛ لأن الوصية كانت بحنطة معينة وبخلطها قد تعذر الوصول إلى عينها ، سواء خلطها بمثلها في الجودة أو بأجود أو بأردأ ، وإن خلطها بغير جنسها فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون مما يشق تمييزه ، أو لا يشق ، فإن خلطها بما يشق تمييزه منها كحنطة أخلط بها شعيرا ، أو أرزا ، أو عدسا فهذا رجوع ؛ لأنه خلط بما لا يتميز ، وإن خلطها بما لا يشق تمييزه كالجوز واللوز ، لم يكن رجوعا كما لو أحرزها ، ولو نقل الحنطة عن البلد إلى غيره ، فهذا على ضربين : أوصى له بحنطة فخلطها بحنطة أخرى
أحدهما : أن ينقلها إلى ما هو أقرب إلى بلد الموصى له ، فهذا لا يكون رجوعا ؛ لأنه يدل على الحرص وتمامها .
والضرب الثاني : أن ينقلها إلى بلد هو أبعد إلى الموصى له من البلد الذي كانت فيه ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون ذلك لعذر ظاهر من خوف طرأ ، أو فتنة حدثت ، فلا يكون ذلك رجوعا .
والضرب الثاني : أن يكون ذلك لغير عذر ، ففي كونه رجوعا وجهان :
أحدهما : يكون رجوعا اعتبارا بظاهر فعله .
[ ص: 316 ] والوجه الثاني : لا يكون رجوعا اعتبارا ببقائها على صفتها على ملكه ، والله أعلم .