مسألة : قال الشافعي : " وإن ضمن ، وإذا دفنها في منزله ولم يعلم بها أحدا يأتمنه على ماله فهلكت ضمن ، فإن لم يكن حاضرا فأودعها أمينا يودعه ماله لم يضمن " . أودعها غيره وصاحبها حاضر عند سفره
قال الماوردي : وهذا صحيح متى ما ، فهذا على ضربين : لم يجد حاكما ولا ثقة يستودعها إياه فدفنها في الأرض
أحدهما : أن يكون الموضع المدفونة فيه سابلا لا تحجير عليه يمنع من الوصول ، فدفنها في مثله عدوان يوجب الضمان ، سواء أعلم بها أحدا أو لم يعلمه ؛ لأن ما تصل إليه الأيدي معرض للتلف .
والضرب الثاني : أن يكون الموضع حصينا حريزا كالمنازل المسكونة التي لا تصل اليد إليها إلا من أراد ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين : إما أن يعلم بها أحدا ، أو لا يعلم بها [ ص: 361 ] أحدا ، فإن لم يعلم بها أحدا ضمنها ؛ لأنه قد ربما أدركته منيته فلم يوصل إليها ، فصار ذلك تغريرا ، وإن أعلم بها ثقة مؤتمنا صح وهل يراعي في الإعلام بها حكم الشهادة أو حكم الائتمان ؟ على وجهين :
أحدهما : حكم الشهادة ، فعلى هذا لا يجزئه أقل من شاهدين عدلين ، أو شاهد وامرأتين ويرى الشاهدان ذلك عند دفنه ليصح تحملهما لذلك ، فإذا فعل ذلك خرج عن التعدي وسقط الضمان عنه ولم يلزمه أن يأذن للشاهدين في نقلها عند الخوف .
والوجه الثاني وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أنه يراعى فيه حكم الائتمان ، فعلى هذا يجوز أن يعلم بها واحدا ثقة ، سواء كان رجلا أو امرأة ، ويجوز ألا يراها وهل يلزمه أن يأذن له في نقلها إن حدث بمكانها خوف أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يلزمه ذلك لما فيه من فضل الاستظهار ، فإن لم يفعل ضمن .
والوجه الثاني : لا يلزمه ، لما في نقلها من التعريض للأخطار ، فإن نقلها المؤتمن عليها على هذا الوجه عند حدوث الخوف بمكانها ، ففي ضمانه وجهان من اختلافهم على هذا الوجه ، هل يكون إعلامه بها يجري مجرى الخبر ، أو مجرى الأمانة ؟ فأحد الوجهين أنه يجري مجرى الخبر ، فعلى هذا لا يجوز له نقلها ، فإن نقلها ضمن ، ويجوز أن يكون عبدا وأن يكون بعيدا عنها وليس له يد عليها .
والوجه الثاني : أن يجري مجرى الأمانة ، فعلى هذا يجوز له نقلها ولا يجوز أن يكون عبدا ولا أن يبعد عنها وتكون يده عليها ، فأما ففيه وجهان : إذا دفنها على ما وصفنا مع وجود حاكم مأمون ، أو عدل موثوق به يودعها عنده
أحدهما : لا يجوز ويضمن إن فعل .
والثاني : يجوز ولا ضمان عليه .