فصل : قال الشافعي : الإمام في إغزائهم رأيه . يعني : في الزمان الذي يأمرهم بالغزو إليه والعدد الذي يقتصر عليه ، فإذا أراد ذلك اختار لهم من الزمان أولاه ومن المكان أدناه ، ويندب عن كل طائفة إلى من يليها ، لقوله تعالى : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار [ التوبة : 123 ] ، ولأن كل قوم بمن يليهم أخبر ، وعلى قتالهم أقدر ، وما يتكلفونه من المؤنة في قتالهم أيسر ، فلا ينفذ أهل ثغر إلى غيره إلا لأحد أمرين : إما أن يسلم أهله فينقلهم عنه إلى الجهة التي لم يسلم أهلها ويستوطنوا فيما يقابلها ويليها ، [ ص: 450 ] وإما لظهور قوة من عدو في غير جهتهم ، فأقربها على من بإزائهم يكون هؤلاء أظهر على عدوهم فيستمد منهم من يدفع بهم قوة الآخرين ، ثم يعودوا بعد الفراغ إلى أماكنهم ، فإذا فعل الإمام هذا بهم زادهم نفقة ما تكلفوه من زيادة سفرهم ، فإن تزايدت قوة العدو في إحدى الجهات وضعفت في غيرها من الجهات عن المناداة جاز للإمام أن يجمع على تلك الجهة القوية جميع أهل الفيء : لأن في كسرها كسر لمن هو أضعف منها وليس في كسر الأضعف كسر إليها . ويفعل في إعطاء المنقول من زيادة النفقة ما ذكرنا .