فصل : وإذا قد مضى ما قد خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناكحه نصا واجتهادا ، وما خص به أزواجه تفضيلا وحكما .  
فلا بد من  ذكر أزواجه   ، ليعلم من يميز من نساء الأمة بهذه الأحكام المخصوصة ، وهن ثلاث وعشرون امرأة ، منهن ست متن قبله ، وتسع مات قبلهن ، وثمان فارقهن .  
فأما الست اللاتي متن قبله :  
فإحداهن   خديجة بنت خويلد  ، وهي أول امرأة تزوجها قبل النبوة عند مرجعه من  الشام   ، وهي أم بنيه وبناته إلا  إبراهيم   ، فإنه من  مارية القبطية  ، كان  المقوقس   أهداها إليه ، ولم يتزوج على   خديجة  أحدا حتى ماتت .  
والثانية :   زينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين  ، ودخل بها ، وأقامت عنده شهورا ، ثم ماتت ، وكانت أخت  ميمونة  من أمها .  
والثالثة :   سنا بنت الصلت  ، ماتت قبل أن تصل إليه .  
والرابعة :  شراق أخت دحية الكلبي  ، ماتت قبل أن تصل إليه .  
والخامسة :  خولة بنت الهذيل  ، ماتت قبل أن تصل إليه .  
والسادسة :   خولة بنت حكيم السلمية  ، ماتت قبل دخوله بها ، وقيل : إنها هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .  
فهؤلاء ست متن قبله ، دخل منهن باثنتين ، ولم يدخل بأربع .  
 [ ص: 27 ] وأما التسع اللاتي مات عنهن :  
فإحداهن   عائشة بنت أبي بكر  ، وهي أول امرأة تزوجها بعد موت   خديجة  ، ولم يتزوج بكرا غيرها ، عقد عليها  بمكة   وهي ابنة سبع ، ودخل بها  بالمدينة   وهي ابنة تسع ، ومات عنها وهي ابنة ثماني عشرة .  
والثانية :   سودة بنت زمعة  ، تزوجها بعد  عائشة  ، وكانت أم خمس صبية ، فلما عرف أخوها  عبد بن زمعة   أنها تزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم حثا التراب على رأسه ، فلما أسلم قال : إني لسفيه لما حثوت التراب على رأسي ، حين تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أختي .  
والثالثة :   حفصة بنت عمر  ، تزوجها بعد   سودة  ، وكان  عثمان   قد خطبها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أدلك على من هو خير لها من عثمان وأدل  عثمان   على من هو خير له منها ، فتزوجها ، وزوج بنته  أم كلثوم  بعثمان      .  
والرابعة :   أم حبيبة بنت أبي سفيان  ، وقيل : إنه نزل في تزويجها  عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة      [ الممتحنة : 7 ] ، ولما تنازع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضانة ابنه  إبراهيم   ، قال : ادفعوه إلى  أم حبيبة     : فإنها أقربهن منه رحما .  
والخامسة :   أم سلمة بنت أبي أمية     .  
والسادسة :   زينب بنت جحش  ، نزل عنها  زيد بن حارثة   ، فتزوجها ، وفيها نزل قوله تعالى :  فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها      [ الأحزاب : 37 ] وكانت بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمها   أميمة بنت عبد المطلب     .  
والسابعة :   ميمونة بنت الحارث  ، وكان  بالمدينة   فوكل  أم رافع  في تزويجه بها وبقي  بمكة   ، ودخل بها عام الفتح  بسرف   ، وقضى الله تعالى أن ماتت بعد ذلك  بسرف      .  
والثامنة :   جويرية بنت الحارث  ، من  بني المصطلق   من  خزاعة   ، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة  المريسيع   التي هدم فيها مناة ، ثم أعتقها وتزوجها .  
وقال  الشعبي      : وجعل عتقها صداقها ، فلما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقى أحد من المسلمين عبدا من قومها إلا أعتقه لمكانتها ، فقيل : إنها كانت أبرك امرأة على قومها .  
والتاسعة :   صفية بنت حيي بن أخطب  ، اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي  النضير   ، ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها ، وهي التي أهدت إليها  زينب بنت الحارث اليهودية  شاة مسمومة ، فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
فهؤلاء تسع مات عنهن ، وكان يقسم لثمان منهن .  
وأما الثماني اللاتي فارقهن في حياته :  
فإحداهن   أسماء بنت النعمان الكندية  ، دخل عليها ، فقال لها : تعالي ، فقالت : أنا من قوم نؤتى ولا نأتي ، فقام إليها فأخذ بيدها ، فقال : ملكة تحت سوقة ، فغضب وقال : لو رضيك الله لي لأمسكتك وطلقها .  
والثانية :  ليلى بنت الحطيم  أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو غافل ، فضربت ظهره ، فقال : من      [ ص: 28 ] هذا ؟ أكله الأسود ، فقالت : أنا  ليلى  قد جئتك أعرض نفسي عليك ، فقال : قد قبلتك ، ثم علمت كثرة ضرائرها ، فاستقالته فأقالها ، فدخلت حائطا بالمدينة   ، فأكلها الذئب .  
والثالثة :   عمرة بنت يزيد الكلابية  دخل بها ثم رآها تتطلع فطلقها .  
والرابعة :   العالية بنت ظبيان  ، دخل بها ومكثت عنده ما شاء الله ، ثم طلقها .  
والخامسة :  فاطمة بنت الضحاك الكلابية  ، لما خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه ، اختارت فراقه ، ففارقها بعد دخوله بها .  
والسادسة :   قتيلة بنت قيس أخت الأشعث  ، وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخييرها في مرضه ، فاختارت فراقه ، ففارقها قبل الدخول .  
والسابعة :  مليكة بنت كعب الليثية  ، كانت مذكورة بالجمال ، فدخلت إليها  عائشة  ، فقالت : ألا تستحين أن تتزوجي قاتل أبيك يوم الفتح ، فاستعيذي منه فإنه يعيذك ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : أعوذ بالله منك ، فأعرض عنها ، وقال : قد أعاذك الله مني وطلقها .  
والثامنة : امرأة من  عفان   ، تزوجها ، ورأى بكشحها لطخا فقال : ضمي إليك ثيابك والحقي بأهلك ، فهؤلاء ثمان فارقهن في حياته ، دخل منهن بثلاث والله أعلم .  
				
						
						
