مسألة : قال  الشافعي      : "  وإذا أراد أن يتزوج المرأة   فليس له أن ينظر إليها حاسرة ، وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية ، بإذنها وبغير إذنها ، قال الله تعالى :  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها      [ النور : 31 ] قال : الوجه والكفان " .  
قال  الماوردي      : قد مضى الكلام أن وجه المرأة وكفيها ليس بعورة في كتاب الصلاة : لقوله تعالى :  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها      [ النور : 31 ] .  
قال  الشافعي      : الوجه والكفان . وهو قول  الحسن   وسعيد بن جبير   وعطاء      .  
وقال  ابن عباس   والمسور بن مخرمة      : هو الكحل ، والخاتم ، عبارة عن الوجه بالكحل      [ ص: 34 ] وعن اليدين بالخاتم ، فإذا أراد الرجل أن يتزوج المرأة ، جاز له أن ينظر إلى وجهها وكفيها لا غير .  
وقال  أبو حنيفة      : ينظر مع الوجه والكفين إلى ربع الساق .  
وقال  داود      : ينظر منها إلى ما ينظر من الأمة إذا أراد شراءها ، ورواه  الأشهب   عن  مالك      .  
وروي عن  الأشهب   مثل قولنا .  
وقال  المغربي      : لا يجوز أن ينظر إلى شيء منها ، فأما  أبو حنيفة   ، فإنه اعتبر القدمين بالكفين : لأنه أحد الطرفين ، فلم يجعلها عورة ، والكلام معه في حد العورة قد مضى ، وأما  داود      : فاستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فليولج بصره فيها فإنما هو مسر     . وأما  المغربي   فإنه استدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  يا  علي   لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك     .  
ودليلنا على  أبي حنيفة   قوله تعالى :  ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن      [ النور : 31 ] يعني الساقين .  
ودليلنا على  داود   قوله تعالى :  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها   يعني الوجه والكفين ، ويدل عليها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :  أن  أسماء  دخلت على  عائشة     - وعليها ثوب رقيق - فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أما علمت أن المرأة إذا حاضت حرم كل شيء منها إلا هذا وهذا ، وأشار إلى وجهه وكفيه     .  
ودليلنا على  المغربي   رواية  جابر   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها ، فإن في أعين  الأنصار   شيئا ، أو قال : سوءا     .  
وروى  أبو الدرداء   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  إذا قذف الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فليتأمل خلقتها      .  
وروى  أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم   ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إنما النساء لعب ، فإذا اتخذ أحدكم لعبة فليستحسنها     .  
وروى  بكر بن عبد الله   عن  المغيرة بن شعبة   أنه خطب امرأة من  الأنصار   ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب فانظر إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .  
 [ ص: 35 ] وفي يؤدم قولان :  
أحدهما - وهو قول أصحاب الحديث - : أنه يعني يدوم ، فقدم الواو على الدال ، كما قال في ثمر الأراكة :    " كلوا منه الأسود فإنه أيطب "  بمعنى أطيب ، فيكون مأخوذا من الدوام .  
والقول الثاني - وهو قول أهل اللغة - : أنه المحابة ، وأن لا يتنافروا مأخوذا من إدام الطعام ، لأنه يطيب به فيكون مأخوذا من إدام لا من الدوام ، ثم من مر الدليل على جواز أن ينظر المعقود عليه أبلغ في صحة العقد من فقده ، فاقتصر على نظر الوجه والكفين : لخروجهما عن حكم العورة ، وإن في الوجه ما يستدل به على الجمال ، وفي الكفين ما يستدل به على خصب البدن ونعمته فأغناه ذلك عن النظر إلى غيره .  
				
						
						
