مسألة : قال الشافعي : " وجمعت الطريق رفقة فيهم امرأة ثيب فولت أمرها رجلا منهم فزوجها ، فجلد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الناكح والمنكح ورد نكاحهما " .
[ ص: 48 ] قال الماوردي : وهذا الأمر المروي عن عمر ، وإن كان دليلا على إبطال فالمقصود به يتعلق على المتناكحين بغير ولي من الأحكام ، فإذا تناكح الزوجان بغير ولي فلا يخلو حالهما من أن يترافعا فيه إلى حاكم أم لا ، فإن ترافعا فيه إلى حاكم لم يخل حال الحاكم من أحد أمرين : إما أن يكون شافعيا يرى إبطال النكاح بغير ولي ، أو يكون حنفيا يرى جواز النكاح بغير ولي ، فإن كان شافعيا يرى إبطال النكاح بغير ولي ، حكم بإبطاله ، وفرق بينهما ، فإن اجتمعا حكم فيه بمذهبه ، وقضى بينهما على الإصابة بعد تفريق الحاكم بينهما كانا زانيين عليهما الحد : لأن شبهة العقد قد ارتفعت بحكم الحاكم بينهما بالفرقة ، فلو ترافعا بعد إبطال الحاكم الشافعي إلى حاكم حنفي لم يكن له أن يحكم بجوازه لنفوذ الحكم بإبطاله . وإن كانا في الابتداء قد ترافعا إلى حاكم حنفي يرى صحة النكاح بغير ولي ، فحكم بينهما بصحته ، وأذن لهما بالاجتماع فيه ، فلم يكن عليهما في الإصابة حد لنفوذ الحكم بالإباحة ، فلو ترافعا بعد حكم الحنفي بصحة إلى حاكم شافعي فهل له أن يحكم بإبطاله وينقض حكم الحنفي بصحته وإمضائه أم لا ؟ على وجهين : النكاح بغير ولي
أحدهما : له الحكم بإبطاله ونقض حكم الحنفي بإمضائه ، لما فيه من مخالفة النص في قوله : ثلاثا . فنكاحها باطل
والوجه الثاني : أنه ليس له أن ينقض حكما قد نفذ باجتهاد ، والنص فيه من أخبار الآحاد .