فصل : فأما كالإخوة والأعمام فلا تخلو حالها معهم من أن تكون صغيرة أو كبيرة ، فإن كانت كبيرة لم يكن لهم إجبارها إجماعا ، وليس لهم تزويجها إلا بإذنها . حال البكر مع غير الأب والجد من الأولياء
والفرق بين الآباء والعصبات : أن في الآباء بعضية ليست في العصبات فقويت بها [ ص: 54 ] ولايتهم حتى تجاوزت ولاية النكاح إلى ولاية المال ، فصاروا بذلك أعجز ، ولأنه من العصبات ، وإن كانت البكر صغيرة فليس لأحد من العصبات تزويجها بحال .
وقال أبو حنيفة : لجميع العصبات تزويجها صغيرة كالأب ، ولها الخيار إذا بلغت بخلافها مع الأب .
وقال أبو يوسف : لهم تزويجها ولا خيار لها كهي مع الأب استدلالا بقوله تعالى : ويستفتونك في النساء إلى قوله : وترغبون أن تنكحوهن [ النساء : 127 ] .
قال : واليتيمة من لا أب لها من الصغار والذي كتب لها صداقها ، فدل على جواز نكاح غير الأب لها ، ولأن كل من جاز له تزويجها في الكبر جاز له أن ينفرد بتزويجها في الصغر كالأب ، ولأنه لما استوى الآباء والعصبات في إنكاح الثيب وجب أن يستووا في إنكاح البكر ، ودليلنا قدامة بن مظعون أنه زوج ابنة أخيه بعبد الله بن عمر ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحه ، فقال : إنني عمها ووصي أبيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها يتيمة وإنها لا تتزوج إلا بإذنها " فلم يجعل له تزويجها إلا بعد البلوغ . حديث
ومن القياس : أن كل من لم يملك قبض صداقها لم يملك عقد نكاحها كالعم مع الثيب طردا ، أو كالسيد مع أمته عكسا ، ولأنها ثبتت للأب في الصغيرة من غير توليه فوجب أن يختص بها من بين العصبات كولاية المال ، ولأن النكاح إذا لم ينعقد لأن ما كان فاسدا كالمنكوحة في العدة ، ولأن النكاح لا ينعقد بخيار التحكم والاقتراع قياسا على خيار الثيب .
فأما الآية فتحمل على إنكاحها قبل اليتم أو على إنكاح الجد : لأن اليتم يكون بموت الأب ، وإن كان الجد باقيا ، وأما قياسهم على الأب ، فالفرق بينهما في الولاية ما قدمناه في الإجبار ، وأما جمعهم بين البكر والثيب فمردود بافتراقهما في قبض الصداق ، والله أعلم .