فصل : فإذا وضح ما وصفنا فسد حكم النكاح إن صح أو فسد .
فإذا قيل : إن النكاح باطل ، فإن لم يدخل بها السيد حتى مات ، فلا مهر لها ولا عدة عليها ، وهي حرة إن خرجت من الثلث وقت الوفاة ، فإن عجز الثلث عنها عتق منها قدر ما احتمله الثلث ، على ما سنذكره ، ورق باقيها إن لم يمض الورثة عتقها .
وإن قيل : إن النكاح صحيح ومات ، والثلث يحتمل جميع قيمتها استقر عتقها ، وعليها عدة الوفاة ، دخل بها السيد أو لم يدخل ، ولا ميراث لها : لأن ثبوت الميراث يؤدي إلى سقوطه : لأن عتقها في المرض وصية لها ، وإذا ورثت منعت الوصية ، وإذا منعت الوصية بطل العتق ، وإذا بطل العتق بطل النكاح ، وإذا بطل النكاح سقط الميراث ، وما أدى ثبوته إلى نفيه لم يثبت .
فأما المهر فإن كان بقدر مهر المثل فما دون أخذته من رأس المال ، وإن كان أكثر من مهر المثل كان قدر مهر المثل من رأس المال ، وكانت الزيادة عليه وصية لها تعطاها من الثلث إن احتملها : لأنها غير وارثة ، فلو كانت قيمتها تخرج من الثلث وقت العتق ، ولا تخرج من الثلث وقت الموت ، نظر في الورثة . فإن يجيزوا ما زاد على الثلث ، أعتق منها قدر ما احتمله الثلث ، ويرق الباقي ، وكان النكاح باطلا على الوجهين معا . فإن لم يدخل بها فلا مهر لها . وإن دخل بها كان لها مهر المثل بقدر ما عتق منها ، وسقط منه بقدر ما رق . وإن أجاز الورثة العتق عتق جميعها .
فأما النكاح فعلى اختلاف قولي الشافعي في إجازة الورثة هل هي تنفيذ للوصية أو ابتداء عطية ؟ فإن قيل : إنما تنفيذ ما فعله ، كان النكاح جائزا ، وإن قيل : إنها ابتداء عطية منهم ، كان النكاح باطلا ، فلو كانت قيمتها تخرج من الثلث وقت العتق ووقت الموت ، وكان المهر إن دفع نقص من الثلث عن قيمتها ، نظر : فإن لم يكن قد دخل بها ، فلا مهر لها والعتق في جميعها نافذ والنكاح على قول أبي العباس جائز : لأن ثبوت المهر يؤدي إلى سقوطه لعجز الثلث عن قيمتها وعجزه يؤدي إلى رق بعضها ورق بعضها يؤدي إلى بطلان نكاحها وسقوط مهرها ، وما أدى ثبوته إلى سقوط لم يثبت ، وإن كان قد دخل بها فقد استحقت بالدخول مهر المثل ، فإن أبرأت منه اتسع الثلث لقيمتها ، فنفذ عتقها وصح نكاحها ، وإن طالبت به استحقت منه بقدر ما تحرر من عتقها ، وكان نكاحها باطلا وسقط منه بقدر ما رق منها ودخله الدور ، وسنذكر من طريق العمل ما يعلم به قدر ما تتحرر من العتق على حقيقة ، والله أعلم .