مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن هربت وامتنعت فلا نفقة لها " .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
إذا صارت ناشزا وسقطت نفقتها : لأن النفقة عوض في مقابلة تمكين ، فإذا لم يوجد التمكين الذي هو معوض بطل ما في مقابلته من النفقة التي عوض كالسلعة إذا بلغت في يد البائع بطل ما في مقابلتها من الثمن فإن قيل : [ ص: 134 ] فالجنون عذر ، وليست فيه عاصية ، فهلا كانت نفقتها مع تعذر الاستمتاع باقية كما لو مرضت أو صلت أو صامت ؟ قيل : حقوق الأموال بين الآدميين يستوي في وجوبها وسقوطها حكم المطيع والعاصي والمعذور وغير المعذور ، ألا ترى أن البائع لو تلفت السلعة في يده لجائحة سمائية ، فهو معذور مطيع ، وقد سقط ما في مقابلتها من الثمن ، كما لو استهلكها بنفسه فصار عاصيا غير معذور ؟ كما أن الزوجة لو سافرت في الحج سقطت نفقتها ، وإن كانت مطيعة كما لو هربت ناشزا في معصية ، فكذلك حال المجنونة . هربت بالجنون من زوجها ومنعته من نفسها
فأما المريضة : فهي غير ممتنعة منه ، وإنما المرض منعه منها كما يمنع الحيض ، ولو منعته في المرض ما أمكن أن يستمتع به من المريضة من نظر وقبلة ولمس سقطت نفقتها ، فأما ما وجب من صلاة وصيام ، فالشرع قد استثنى زمانه من الاستمتاع كما أن زمان النوم مستثنى ، والله أعلم .