[ القول في صداق السر والعلانية ]
مسألة : قال الشافعي : " وإذا شاهد الزوج الولي والمرأة أن المهر كذا ، ويعلن أكثر منه ، فاختلف قوله في ذلك ، فقال في موضع السر ، وقال في غيره العلانية ، وهذا أولى عندي ؛ لأنه إنما ينظر إلى العقود وما قبلها وعد .
قال الماوردي : وصورتها أن ينكح امرأة في السر على صداق قليل ، ثم ينكحها في العلانية على صداق كثير .
فقد حكى المزني عن الشافعي أنه قال في موضع : إن الصداق صداق السر ، وقال في موضع آخر : إن الصداق صداق العلانية ، فكان المزني وطائفة من أصحابنا يخرجون اختلاف نصه في الموضعين على اختلاف قولين :
أحدهما : أن الصداق لتقدمه . صداق السر ؛
والثاني - وهو اختيار المزني - : أن الصداق ، لتعلق الحكم بظاهره . صداق العلانية
وامتنع سائر أصحابنا من تخريج ذلك على قولين ، وجعلوه محمولا على اختلاف حالين .
فالموضع الذي جعل الصداق فيه صداق السر دون العلانية ، إذا عقداه سرا بولي وشاهدين ، ثم أعلناه تجملا بالزيادة وإشاعة للعقد ؛ لأن النكاح هو الأول المعقود سرا ، والثاني لا حكم له .
والموضع الذي جعل الصداق فيه صداق العلانية إذا تواعدا سرا ، وأتماه سرا بغير ولي وشاهدين ، ثم عقداه علانية بولي وشاهدين : لأن الأول موعد ، والثاني هو العقد فلزم ما تضمنه العقد دون الوعد .
وهذا أصح من تخريج ذلك على قولين .