فصل : وأما وهو ألا يكون من أحد الزوجين تقصير في حق صاحبه ولا كراهة له فيجوز خلعهما ولا يكره لهما وهو قول الأكثرين . الخلع بغير سبب
وحكي عن الزهري وعطاء والنخعي أن الخلع فاسد وبه قال داود لقول الله تعالى : إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا فدلت هذه الآية على فساد هذا الخلع من وجهين :
أحدهما : . والثاني لحوق الجناح إلا مع ارتفاع الخوف ، والدليل على جوازه قول الله تعالى : تحريم الخلع إلا مع الخوف فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا [ النساء : 4 ] فإذا حل له أن يمتلك ما طابت به نفسها من غير أن يملكها به بضعها ، فأولى أن يحل له إذا ملكها به بضعها ، ولأن كل عقد صح مع الكراهة فأولى أن يصح مع الرضا ، وكسائر العقود من البيوع وغيرها .
فأما استدلالهم بالآية فقد قرأ حمزة : " إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله " .
بضم الياء ، ويكون معناه إلا أن يخاف الحاكم ألا يقيما - الزوجان - حدود الله تعالى ، هذه القراءة تسقط أن يكون خوف الزوجين شرطا في جواز الخلع . وقرأ جماعة القراء ( إلا أن يخافا ) بفتح الياء إشارة إلى الزوجين ، فعلى هذا يكون ذلك معدولا به عن الشرط الظاهر إلى أحد أمرين : إما لورودها على سبب من الخوف ، وإن كان حكمها عاما ، وإما على الأغلب من الخلع فإنه لا يكون إلا عن خوف ، وإن جاز في حال نادرة ليس معها خوف ، وإن كانت هذه النادرة لابد أن يقترن بها خوف ، وإن قل ، لأن المرأة لا تبذل مالها لافتداء نفسها وهي راغبة ، والله أعلم .