مسألة : قال الشافعي : " ولو فله ثلث الألف وإن طلقها ثلاثا فله الألف " . قالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا قالت له طلقني ثلاثا بألف ، فإن طلقها ثلاثا ، فله جميع الألف ، وإن طلقها واحدة كان له ثلث الألف ، لأن الألف جعلت عوضا على مقابلة ثلاثة أعداد متساوية فقسطت عليها ، وكان قسط كل واحد منهما ثلث الألف ، فاقتضى أن يستحق بكل طلقة منها ، ثلث الألف ، كما لو أبق منه ثلاثة أعبد فقال من جاءني بهم فله دينار فجيء بواحد منهم لزمه ثلث الدينار ، لأن الدينار قابل ثلاثة أعداد متساوية فتقسط عليهم أثلاثا متساوية .
فإن قيل : أفليس لو قال لها إن أعطيتني ألفا فأنت طالق ثلاثا ، فأعطته ثلث الألف لم تطلق بها واحدة ، وإن قابلت ثلث الألف فهلا كان في مسألتنا إذا طلقها واحدة لم يستحق ثلث الألف .
قيل : الفرق بينهما أن المغلب في الخلع من جهة الزوجة حكم المعاوضة ، فجاز أن يقسط العوض على أعداد المعوض ، والمغلب فيه من جهة الزوج حكم الطلاق بالصفة ، والصفة إذا تبعضت لم يتبعض ما علق بها من الطلاق ، ولا يقع إلا بكمالها ، كما لو قال لها : إذا دخلت الدار ثلاثا فأنت طالق ثلاثا ، فدخلتها مرة لم تطلق حتى تستكمل دخولها ثلاثا ، فتطلق ثلاثا ، فصح الفرق بينهما واستحق بالطلقة الواحدة ثلث الألف ، لأنه قد ملكها ثلث ما سألت ، فاستحق عليها ثلث ما بذلت ، وهكذا لو طلقها طلقتين استحق بهما ثلثي الألف ، لأنه قد ملكها ثلثي ما سألت ، فاستحق عليها ثلثي ما بذلت ، فلو طلقها واحدة ونصفا طلقت ثنتين ، لأن الطلاق لا يتبعض ، وفي قدر ما يستحقه من الألف وجهان :
أحدهما : ثلثي الألف ، لأنها قد طلقت طلقتين من ثلاث طلقات . [ ص: 48 ] والوجه الثاني : أنه يستحق نصف الألف لأنه قد أوقع عليها نصف الثلاث وأن ما يكمل بالشرع لا يفعله .