مسألة : قال الشافعي : " ولا المكاتبة ولو أذن لها سيدها لأنه ليس بمال للسيد فيجوز إذنه فيه ولا لها فيجوز ما صنعت في مالها وطلاقهما بذلك بائن فإذا أعتقتا اتبع كل واحدة بمهر مثلها كما لا أحكم على المفلس حتى يوسر " .
قال الماوردي : لم يخل خلعها من أحد أمرين : إما أن يكون بإذن السيد أو بغير إذنه ، فإن كان بغير إذنه فهي فيه كالأمة إذا خالعت المكاتبة زوجها لأنها وإن خالفت الأمة في التملك والتصرف فهو مقصود على أدائه في مال الكتابة دون غيره ، وهي كالأمة فيما سواه ، وإن إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها ، فهو إذن منه باستهلاك مال في غير الأداء ، وقد اختلف قول خالعته بإذن السيد الشافعي في ويجوز هبته له أم لا على قولين : السيد إذا أذن لمكاتبه في الهبة هل يصح إذنه فيه ،
أحدهما : يصح لأن المكاتب أقوى تصرفا من العبد ، فلما صحت هبة العبد بإذن سيده كان أولى أن تصح هبة المكاتب بإذن سيده .
والقول الثاني : أنه لا يصح هبته بإذن السيد ، وإن صحت هبة العبد ، لأن السيد يملك ما في يد عبده ، فصح إذنه فيه ، ولا يملك ما في يد مكاتبه ، فلم يصح إذنه فيه ، فإذا ثبت القولان في هبة المكاتب بإذن السيد ، فقد اختلف أصحابنا في خلع المكاتبة [ ص: 84 ] بإذن السيد : فذهب أكثرهم إلى أنه على قولين كالهبة ، لأنه ليس الاستهلاك بالخلع أغلظ من الاستهلاك بالهبة ، بل هو أحسن حالا ، لأنها قد تملك به البضع ، ولا تملك بالهبة شيئا على أصح قوليه في سقوط المكافأة .
وقالت طائفة منهم : إن خلعها باطل مع إذن السيد وإن كانت هبتها بإذنه على قولين . وفرقوا بينهما بأن ما يعود من مكافأة الهبة وامتنانها راجع إلى السيد ، وما يعود بالخلع من ملك البضع يكون للمكاتبة فافترق إذن السيد فيهما لافتراقهما في عود كل واحد منهما ، والطريقة الأولى أصح ، وليس لهذا الفرق وجه ، ولو قلب كان أولى لما ذكرنا .