فصل : فأما حديث ابن عمر فقد رواه نافع ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق بعد وإن شاء أمسك فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء . عن
ورواه سالم ويونس بن جبير ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مره فليراجعها حتى تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق بعد وإن شاء أمسك فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء . فخالف عن نافع لسالم وليونس في زيادة طهر : لأن رواية سالم حتى تحيض ثم إن شاء طلق فأذن له أن يطلق في الطهر الأول بعد الحيضة التي طلق فيها وهذا صحيح .
وفي رواية نافع : حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق . فأذن له أن يطلق في الطهر الثاني دون الأول . والطلاق في الطهر الأول كالطلاق في الطهر الثاني فاختلف أصحابنا في أي الروايتين أثبت وأصح .
فقال بعضهم : الأصح رواية سالم ويونس . فأما نافع فوهم في زيادة الطهر الثاني : لأن حكم الطلاق في الطهر الأول كحكم الطلاق في الطهر الثاني . [ ص: 125 ] وقال آخرون من أصحابنا : إن رواية نافع أصح وأثبت ، وإنما حذف سالم ويونس ذكر الطهر الثاني اختصارا .
فإن قيل : فإذا كانت رواية نافع أصح فلم أذن له أن يطلق في الطهر الثاني ولم يأذن له أن يطلق في الطهر الأول وهما في الحكم سواء .
قيل : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأربعة أجوبة :
الأول : أنه لما كان طلاق ابن عمر في الحيض موجبا لتطويل العدة عليها قابله رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق العقوبة له بتطويل الرجعة إلى الطهر الثاني وإن جازت في الطهر الأول .
والجواب الثاني : أنه لما أوقع ابن عمر الطلاق في غير زمانه قابله رسول الله صلى الله عليه وسلم باستدامة الرجعة بعد زمانها .
والجواب الثالث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن تتحقق رجعته ويقوى حكمها بالوطء فيها . وزمان الوطء بعدها هو الطهر الأول . فإذا وطئ فيه خرج إيقاع الطلاق فيه . وكان طلاق بدعة فلذلك لم يأذن له أن يطلق فيه ، وأذن له أن يطلق في الطهر الثاني .
والجواب الرابع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يكمل الاستبراء بعد الرجعة وكماله يكون بطهر بعد حيضة كاملة .
والطهر الأول لم يكن بعد حيضة كاملة : لأن الطلاق كان في بضاعتها وإنما الطهر الثاني بعد حيضة كاملة فلذلك جعل له أن يطلق فيه ، والله أعلم بالصواب .