مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجوز أن يعطيه من تلزمه نفقته " .
قال الماوردي : وهذا صحيح . ولا يجوز أن . فالوالدون هم الآباء والأمهات والأجداد والجدات ونفقاتهم تجب عليه بشرطين : الفقر والزمانة . والمولودون : هم البنون والبنات وبنو البنين وبنو البنات ونفقاتهم تجب بشرطين : الفقر والصغر أو الزمانة مع الكبر ، فإذا وجبت نفقاتهم بما ذكرنا كان ما دفعه إليهم من زكاة أو كفارة غير مجزئ لأمرين : [ ص: 519 ] أحدهما : أنهم به أغنياء والزكاة والكفارة لا يدفعان إلى غني . يدفع كفارته أو زكاته إلى أحد تجب عليه نفقته من والديه ومن مولوده
والثاني : أنه يعود عليه نفع ما دفع ؛ لأنه تسقط عنه نفقاتهم بها فصار كأنه صرفها إلى نفسه فلم تجزه . وكذلك لا يجوز أن يدفع ذلك إلى زوجته لما ذكرنا من المعنيين ؛ لكن يجوز للمرأة أن تدفع ذلك إلى زوجها لعدم المعنيين فيه أنه لا يكون بها غنيا ولا يلزمها نفقته، ولأنه لا يسقط بها عنها شيئا كان يلزمها .
فإن قيل : فهو ذا يعود نفعه إليها لأنه يجوز أن ينفقه عليها .
قيل : ليس يجب لها بذلك حق لم يكن لأنه إن كان فقيرا فليس يصير بما أخذه منها غنيا فليس يجب لها في الحالين إلا نفقة معسر ، وعوده إليها إن أنفقه عليها بمعنى يعود إلى اختياره فصار كعوده بهبة أو ميراث . فإن كان الوالدون والمولودون فقراء غير زمناء فالصحيح من مذهبه الجديد وأحد قوليه في القديم أن نفقاتهم لا تجب فيجوز دفع الكفارة والزكاة إليهم . وإن قيل بالقول الثاني من القديم أن نفقاتهم تجب بالفقر وحده لم يجز دفعها إليهم .