فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أن أقل زمان الاحتلام عشر سنين فمتى نظرنا ، فإن كان له عند ولادتها أقل من عشر سنين لم يلحق به الولد وكان منتفيا عنه بغير لعان لاستحالة أن يكون مخلوقا من مائه ، وإذا استحال لحوق النسب بالفراش انتفى عنه ، كمن وضعت لأقل من ستة أشهر من وقت العقد وإن ولدته [ ص: 20 ] لأكثر من عشر سنين لستة أشهر فصاعدا ألحق به الولد ، لأن العشر سنين أقل زمان الاحتلام ، والستة أشهر أقل مدة الحمل ، فصار لحوقه ممكنا ، والأنساب تلحق بالإمكان ، وإن ولدته لأكثر من عشر سنين ، وأقل من ستة أشهر بعدها لم يلحق به ؛ لأن العلوق يصير لأقل من عشر سنين . فلذلك انتفى عنه ، كمن ولدته لأقل من عشر سنين ، وهذا وإن لم يصرح به وضعت زوجة الغلام ولدا الشافعي فهو معلوم من أصول مذهبه فلذلك أطلقه ، فلو مات الزوج لم تنقض عدتها بوضعه لنفيه عنه ، واعتدت بأربعة أشهر وعشر . وإذا لحق به الولد لعشر سنين وستة أشهر لم يكن له أن يلاعن لنفيه حتى يبلغ ، فإن قيل : فكيف جعلتموه في حكم البلوغ في لحوق الولد به ، ولم تجعلوه في حكم البلوغ في اللعان ؟ ومن الممتنع أن يجري عليه حكم البلوغ في شيء دون شيء . قيل : الفرق بين لحوق الولد ونفيه من وجهين :
أحدهما : أن لحوق الولد معتبر بالإمكان ، وقد يمكن أن يكون بالغا فألحقناه ، ونفي الولد معتبر باليقين ، ولسنا على يقين من بلوغه فمنعناه من نفيه .
والثاني : أن لحوق الولد به حق عليه فألحقناه به مع الإمكان ، ونفي النسب حق له . فلم يستبح نفيه بالإمكان .