مسألة : قال  الشافعي      : "  ولا تخرج إلى الحج بعد انقضاء العدة ولا إلى مسيرة يوم إلا مع ذي محرم   إلا أن يكون حجة الإسلام ويكون مع نساء ثقات " . قال  الماوردي      : اعلم أن  اجتماع العدة والإحرام ينقسم أربعة أقسام      : أحدها : أن يتقدم وجوب العدة بموت أو طلاق ثم تحرم بالحج قبل انقضاء العدة فعليها أن تقيم لاستكمال العدة ، ولا يجوز أن تحج في تضاعيفها وإن خافت الفوات لتقدم وجوب العدة على الإحرام ، فإن انقضت عدتها ووقت الحج ممكن خرجت لأدائه ، وإن فاتها الحج جرى عليها حكم فواته ، وهذا متفق عليه . والقسم الثاني : أن يتقدم إحرامها بالحج عن إذنه ، ثم تجب العدة عليها بطلاقه أو موته قبل أدائه ففرض الحج مقدم على العدة ، فإن كان الوقت مضيقا خرجت للحج ، وإن كان متسعا كانت مخيرة بين تقديم العدة على الخروج إلى الحج ، وبين تقديم الخروج للحج على المقام للعدة . وقال  أبو حنيفة      : مقدمة على الخروج للحج فيلزمها المقام للعدة ، وإن فاتها الحج : لأن فوات الحج يقضى وفوات العدة لا يقضى ، ولأن العدة من الحقوق المشتركة فكانت أوكد من الحقوق المفردة . ودليلنا قوله تعالى :  وأتموا الحج والعمرة لله      [ البقرة : 196 ] وحقيقة الإتمام      [ ص: 265 ] إكمال ما دخل فيه ؛ ولأنهما عبادتان متقابلتان فوجب أن يترجح حكم أسبقهما ، ألا ترى أنه لو تقدمت العدة على الإحرام غلب حكم العدة ، كذلك إذا تقدم الإحرام على العدة ، وجب أن يغلب حكم الإحرام ، ولأن الإحرام أغلظ أحكاما من العدة فلم يجز أن يضعف عنها عند المزاحمة . واستدلاله بأن فوات الحج يقضى فهو دليل على قوته ، وتغليظ حكمه فلم يجز أن يجعل عند المزاحمة على ضعفه واستدلاله بأن العدة حق مشترك فهو دليل على الضعف دون القوة : لأن حقوق الله تعالى المحضة أوكد . والقسم الثالث : أن يتقدم الإحرام بالحج على العدة ، ثم تطرأ العدة بموت أو طلاق بعد إتمام الحج فيكون حكمها في العدة من سافرت عن إذنه ثم وجبت العدة عليها بعد السفر بموته ، أو طلاقه ، وذلك بأن تعود إلى بلدها فتقضي فيه عدتها على ما قدمناه . والقسم الرابع : أن تتقدم العدة على الإحرام ، ثم تستأنف الإحرام بعد كمال العدة فهي مسألة الكتاب وليست من العدد ، وإنما ذكرها تبعا ، وإذا كان كذلك ما اعترض عليها في حق الزوج بعد كمال العدة ، والكلام في حجها هل يفتقر إلى ذي محرم أم لا ؟ فقال  أبو حنيفة      : لا يجوز أن تحرم للحج إلا مع ذي محرم سواء كان فرضا أو تطوعا تمسكا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :  لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم     . وقال  الشافعي      : إن كان الحج فرضا لم يكن المحرم فيه شرطا إذا كان الطريق آمنا ، وإذا كان تطوعا لم تخرج إلا مع ذي محرم لافتراقهما في الغرض ، وإن وجوب الحج معتبر بالزاد والراحلة ، ولو كان المحرم شرطا لكان من شروط الاستطاعة المعتبرة في الوجوب ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال  لعدي بن حاتم      :  يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تأم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله  فلولا جوازه لما أقر عليه ؛ ولأن وجوب السفر يسقط اشتراط المحرم فيه كالهجرة من دار الشرك ، وقد مضت هذه المسألة في كتاب الحج مستوفاة وتأولنا الخبر على التطوع دون الفرض ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  لا تصومن امرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه  فحمل على صوم التطوع دون الفرض .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					