مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو مات فالورع أن لا ينكح ابنة واحد منهما ، ولا يكون محرما لها ، ولو قالوا : المولود هو ابنهما جبر إذا بلغ على الانتساب إلى أحدهما وتنقطع أبوة الآخر ، ولو كان معتوها لم يلحق بواحد منهما حتى يموت ، وله ولد فيقومون مقامه في الانتساب إلى أحدهما أو لا يكون له ولد فيكون ميراثه موقوفا " .
قال الماوردي : أما حدوث الموت بعد الاشتباه فالكلام فيه متعلق بفصلين : أحدهما : نسب المولود . والثاني : أبوة المرضع . فأما نسب المولود ، فالكلام فيه متعلق بفصلين : أحدهما : حكم القيافة . والثاني : حكم الانتساب . [ ص: 396 ] فأما فمعتبر بحال الميت ، فإن كان الميت هو المولود نظر ، فإن كان له ولد لم ينقطع بموته حكم القيافة وقام ولده في إلحاق القافة مقامه ، وإن لم يترك ولدا نظر فإن دفن انقطع بدفنه حكم القيافة ، وإن لم يدفن ففي انقطاع حكم القيافة بموته وجهان : أحدهما : لا ينقطع لبقاء الصور المشاكلة أو المتنافية . والوجه الثاني : قد انقطع بموته حكم القيافة ؛ لأن في إشارات الحي وحركاته عونا للقافة على إلحاقه ، وذلك مفقود بموته ، وإن كان الميت هو الواطئان أو أحدهما ، فإن ترك الميت والدا لم ينقطع حكم القافة بموته ، وقام والده مقامه كما قام ولد المولود مقامه ، واختلف أصحابنا في ولد الواطئ وأخيه ، هل يقومان بعد موته مقام أبيه أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يقومان مقامه لامتزاج النسب . والثاني : لا يقومان مقامه لبعد الامتزاج وتغير الخلق باختلاف الأمهات ، وإن لم يترك الواطئ بعد موته أحدا ففي انقطاع القيافة بموته قبل دفنه الوجهان الماضيان : وأما الانتساب فهو معتبر من جهة المولود دون الواطئ ، وإنما انفرد به المولود لانفراده ، ومنع منه الواطئ لاشتراكه فيه مع غيره ، وأخذ به المولود جبرا وإن امتنع ؛ لأن في انتسابه حقا لله تعالى بمنعهم من الاتفاق على نفي الانتساب ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : حكم القيافة لعن الله من انتفى من نسب ، وإن رق ولأن في الانتساب حقا له وحقا عليه ، وإذا كان كذلك نظر في الميت ، فإن كان هو المولود روعي حاله بعد الموت ، فإن ترك ولدا قام ولده في انتساب مقامه لما فيه من الطبع الحادث كالأب ، وإن لم يترك ولدا انقطع حكم النسب بموته ، وإن كان الميت هو الواطئ نظر حال المولود عند موته ، فإن كان مراهقا قوي الفطنة صحيح الذكاء قد شاهد الواطئ لم ينقطع انتسابه بموت الواطئ ، وكان له الانتساب بعد موته ما كان له من الانتساب في حياته ، وإن كان بخلاف ذلك طفلا لا يميز ، أو لم يره في حياته سقط حكم انتسابه فهذا حكم نسب المولود إن حدث موت .