[ ص: 34 ] باب صفة القتل العمد وجراح العمد
التي فيها قصاص وغير ذلك
قال الشافعي رحمه الله : فعليه القود . وإذا عمد رجل بسيف أو خنجر أو سنان رمح أو ما يشق بحده إذا ضرب أو رمي به الجلد واللحم دون المقتل فجرحه جرحا كبيرا أو صغيرا فمات منه
قال الماوردي : اعلم أن آلة القتل على ضربين :
أحدهما : المثقل ويأتي .
والثاني : المحدد وهو على ضربين :
أحدهما : ما شق بحده .
والثاني : ما نفذ بدفنه .
فأما ما شق بحده فقطع الجلد ومار في اللحم كالسيف والسكين ، والسنان والحربة ، وهذا يجمع نفوذا وقطعا فالقود فيه واجب باتفاق ، سواء كان بحديد أو بما يقوم مقام الحديد من محدد الخشب والزجاج والقصب .
وأما ما نفذ بدفنه فعلى ضربين :
أحدهما : ما كبر وبعد غور نفوذه كالسهم والمسلة ، إذا وصلا إلى الجسد فنفذ فيه وجب فيها القود بعد نفوذها ، سواء خرج منها دم أو لم يخرج : لأن خروج الدم غير معتبر في وجوب القود كما لم يعتبر في استحقاق الدية .
والضرب الثاني : ما صغر منه كالإبرة ، فإن كانت في مقتل كالنحر والصدر والخاصرة والعين ففيهما القود ، وإن كانت في غير مقتل كالألية والفخذ نظر حالها ، فإن اشتد ألمها ولم يزل المجروح بها زمنا منها حتى مات ففيها القود ، وإن لم تؤلم نظر في الموت فإن تأخر زمانه بعد الجرح بها ، فلا قود فيها ، ولا دية لعدم تأثيرها في الحال ، وإن مات معها في الحال ففي وجوب القود وجهان :
أحدهما : وهو قول أبى إسحاق المروزي : أن القود فيها واجب لأن لها سراية [ ص: 35 ] ومورا ، ولأن في البدن مقاتل خافية في عروق ضاربة ، قال : وهو معنى قول الشافعي جرحا كبيرا أو صغيرا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي سعيد الإصطخري : أنه لا قود فيها لأن مثلها لا يقتل غالبا ، ولأنه لما فرق في المثقل بين صغيرة وكبيرة ، وجب الفرق في المحدد بين صغيرة وكبيرة ، فعلى هذا في وجوب الدية عند سقوط القود وجهان :
أحدهما : تجب الدية مغلظة لتردده بين احتمالي قتل وسلامة .
والوجه الثاني : أنه لا دية فيه : لأن أقل ما ينفذ من المحدد كأقل ما يضرب به من الثقل ؟ فلما لم تجب الدية في أقل المثقل لم تجب في أقل المحدد .