فصل : وأما ، وإن جاز أن لا يقتل فهذا قد يجوز أن يموت من الجرح دون السم ، ويجوز أن يموت من السم دون الجرح ، وليس أحدهما أغلب من الآخر فجرى السم مجرى الجرح الآخر ، والحكم في مستعمله على ما مضى : لكن اختلف أصحابنا فيه هل يكون في حكم العمد المحض أو خطأ العمد على وجهين : القسم الثالث من أقسام السم : وهو القاتل في الأغلب
أحدهما : أنه في حكم خطأ العمد : لأن المقصود دية التداوي فصار خطأ في القصد ، عمدا في القتل ، يسقط القود عن الجارح في النفس ، ويجب عليه نصف الدية مع الكفارة ، لأن جرحه صار قتلا ويكون حكم شريك عمد الخطأ كشريك الخطأ في سقوط القود ، فإن أراد الولي القصاص في الجرح لم يكن له ذلك وجها واحدا : لأن شريك الخطأ في الجرح كشريكه في النفس .
والوجه الثاني : أن السم يكون في حكم العمد المحض ، فعلى هذا في وجوب القود على الجارح قولان على ما مضى يقاد من نفسه في أحدهما لخروجها بعمد محض ، ولا يقاد منها في الآخر لسقوطه في حكم السم إذا كان المتداوي به هو المجروح ، فإن أراد الولي القود في الجرح كان على ما ذكرنا من الوجهين .