فصل : وإذا ثبت أن العاقلة من عدا الآباء والأبناء من العصبات ، واختصوا بتحملها عنه دونه . لم يتحمل القاتل معهم من الدية شيئا
وقال أبو حنيفة : يشاركهم في تحمل الدية ويكون فيها كأحدهم ، استدلالا بما روي أن سلمة بن نعيم قتل مسلما ظنه كافرا فقال له عمر : ديته عليك وعلى قومك ، ولم يظهر له مخالف .
ولأن تحمل الدية عن القاتل مواساة له وتخفيف عنه فلم يجز أن يتحمل عنه ما لا يتحمله عن نفسه كالنفقة ، ولأن تحملها عنه نصرة له وهو أحق بنصرة نفسه من غيره .
ودليلنا حديث جابر فكان الظاهر أن جعل جميعها على العاقلة ، ولأن تحمل المواساة يوجب استيعاب ما وقعت به المواساة كالنفقة وزكاة الفطر ، وفيه انفصال عما استدلوا به من المواساة ، ولأنه لما تفرد القاتل بدية العمد وجب أن تتفرد العاقلة بدية الخطأ ، لأن الدية مستحقة في جهة واحدة ، وحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل دية المقتولة على عاقلة القاتلة عمر محمول على أنه جعلها عليه وجوبا وعلى قومه تحملا .
وأما النصرة فلا اعتبار بها ، لأن الزوج ينصر زوجته ولا يعقل عنها ، وعلى أن العاقلة قد كفوه النصرة .