فصل :
والضرب الثاني : ، فتسقط لعدم اللوث البداية بيمين المدعي لضعف سببه ، ويكون القول قول المدعى عليه مع يمينه ، وفي أن لا يكون مع الدعوى لوث قولان : تغليظها بالعدد
أحدهما : وهو قول أبي حنيفة ، واختار المزني : أنها لا تغلظ بالعدد ، ويستحق فيها بيمين واحدة يحلف بها المدعى عليه على إنكاره : لأنه لما سقط - لعدم اللوث - تغليظ القسامة في الابتداء بيمين المدعي ، سقط تغليظها بعدد الأيمان جمعا بينها وبين سائر الدعاوى في الأمرين .
والقول الثاني : أنها تغلظ بالعدد ، فيحلف خمسين يمينا : تغليظا لحرمة النفس ، كما تغلظ بالكفارة ، وإن لم يحكم فيها بالقسامة . فعلى هذا إن كان المدعى عليه واحدا حلف خمسين يمينا ، وإن كانوا جماعة فعلى ما قدمناه من القولين :
أحدهما : أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا .
والقول الثاني : أن الخمسين مقسطة بينهم على عدد الرؤوس .
فإن كانوا خمسة حلف كل واحد منهم عشرة أيمان ، وإن كانوا عشرة حلف كل واحد منهم خمسة أيمان ، فإن حلفوا برئوا ، وإن نكلوا ردت الأيمان على المدعي . وهل تغلظ بالعدد إذا ردت عليه ؟ على قولين كالمدعى عليه :
أحدهما : لا تغلظ ، ويحلف يمينا واحدة . ويستحق دم صاحبه في العمد والخطأ .
والثاني : تغلظ بالعدد فيحلف خمسين يمينا ، فإن كان واحدا حلف جميعها . وإن كانوا جماعة فعلى قولين :
أحدهما : يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا .
والقول الثاني : أنها تقسط بينهم على قدر مواريثهم بجبر الكسر . فإذا حلفوا حكم لهم بدم صاحبهم ، واستحقوا القود في العمد قولا واحدا : لأن أيمانهم بعد نكول المدعى عليه تجري مجرى إقراره في أحد القولين ، ومجرى البينة في القول الثاني .
[ ص: 27 ] والقود مستحق بالإقرار ومستحق بالبينة ، فإن نكل عن الأيمان عند ردها عليه ، برئ المدعى عليه بإنكاره المتقدم .