مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ويجوز  أمان الرجل والمرأة المسلمين لأهل الحرب والبغي   ، فأما  العبد المسلم   فإن كان يقاتل جاز أمانه وإلا لم يجز ، قلت : فما الفرق بينه يقاتل أو لا يقاتل ؟ قال : قول النبي صلى الله عليه وسلم :  المسلمون يد على من سواهم ، تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم  قلت : فإن قلت ذلك على الأحرار فقد أجزت أمان عبد ، وإن كان على الإسلام فقد رددت أمان عبد مسلم لا يقاتل . قال : فإن كان القتل يدل على هذا ؟ قلت : ويلزمك في أصل مذهبك أن لا تجيز أمان امرأة ولا زمن : لأنهما لا يقاتلان وأنت تجيز أمانهما . ( قال ) : فأذهب إلى الدية ، فأقول دية العبد لا تكافئ دية الحر . قلت : فهذا أبعد لك من الصواب . ( قال ) : ومن أين ؟ قلت : دية المرأة نصف دية الحر وأنت تجيز أمانها ، ودية بعض العبيد أكثر من دية المرأة ولا تجيز أمانه ، وقد تكون دية عبد لا يقاتل أكثر من دية عبد يقاتل ، فلا تجيز أمانه ، فقد تركت أصل مذهبك . ( قال ) : فإن قلت إنما عني مكافأة الدماء في القود ، قلت : فأنت تقيد بالعبد الذي لا يسوى عشرة دنانير الحر الذي ديته ألف دينار ، كان العبد يحسن قتالا أو لا يحسنه . قال : إني لأفعل وما هو على القود ، قلت : ولا على الدية ولا على القتال . قال : فعلام هو ؟ قلت : على اسم الإسلام " .  
قال  الماوردي      : وهذا ما حكاه عن  أبي حنيفة      : أنه سوى بين أمان الرجل وأمان المرأة ، وهو موافق عليه ؛  لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز أمان  أم هانئ  عام الفتح ، وقال : قد أجرنا من أجرت يا  أم هانئ     .  
وأما أمان العبد : فهو عند  الشافعي   جائز كأمان الحر ، سواء كان مأذونا له في القتال أو غير مأذون له فيه .  
وقال  أبو حنيفة      : يصح أمانه إن كان مأذونا له في القتال ، ولا يصح أمانه إن كان غير مأذون له ، استدلالا بما حكاه  الشافعي   عنه وأجابه عليه .  
وهذه مسألة تأتي في كتاب السير ، وتستوفى فيه .      [ ص: 146 ] ، فأما قول  الشافعي      : " لأهل البغي والحرب " فجمع بين الأمان لأهل البغي وأهل الحرب .  
يصح الأمان لأهل الحرب ، فأما الأمان لأهل البغي فإسلامهم أمان لهم يمنع من قتالهم إذا كفوا ، ومن قتلهم إذا أسروا .  
فإن  أمن رجل من أهل العدل رجلا من أهل البغي      : لم يؤثر أمانه إلا في حالة واحدة ، وهو أن يؤمنه بعد كفه عن القتال وقبل أسره ، فيمنع أمانه من أسره ، ولا يؤثر أمانه بعد الأسر ، ولا يؤثر أمانه وهو على قتاله ، وعلى هذا الموضع يحمل كلام  الشافعي   في الجمع بينه وبين الحربي .  
				
						
						
