[ ص: 250 ] باب ما جاء في . حد الذميين
مسألة : قال الشافعي رحمه الله في كتاب الحدود : وإن تحاكموا إلينا فلنا أن نحكم أو ندع . فإن حكمنا حددنا المحصن بالرجم : لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، وجلدنا البكر مائة وغربناه عاما . ( وقال ) في كتاب الجزية : إنه لا خيار له إذا جاءوه في حد الله ، فعليه أن يقيمه لما وصفت من قول الله عز وجل رجم يهوديين زنيا وهم صاغرون . ( قال المزني ) رحمه الله : هذا أولى قوليه به ، إذ زعم أن معنى قول الله تعالى : وهم صاغرون أن تجرى عليهم أحكام الإسلام ، ما لم يكن أمر حكم الإسلام فيه تركهم وإياه " .
قال الماوردي : وهذا الباب يشتمل على مسألتين قد مضتا :
إحداهما : في أهل الذمة ، هل تلزمهم أحكامنا أم لا ؟
والثانية :
فأما المسألة الأولى في جريان أحكامنا عليهم ، فإن كانوا أهل عهد ولم يكونوا أهل ذمة فحاكمنا إذا تحاكموا إليه مخير بين أن يحكم بينهم وبين أن لا يحكم ، وهو إذا استعدوا إليه مخير بين أن يعدي عليهم أو لا يعدي . فإن أعدى وحكم ، كانوا مخيرين بين التزام حكمه وبين رده ، وسواء كان ذلك في حقوق الآدميين أو في حقوق الله تعالى ، وأصل هذا قوله تعالى : هل الإسلام شرط في إحصان الزنا أم لا ؟ فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم [ المائدة : 42 ] ، ولأن موجب العهد الذي بيننا وبينهم أن يأمنونا ونأمنهم فلم ينفذ حكم الأمان إلى غيره ، إلا أن يشترط الإمام عليهم في عهد الأمان لهم أن يلتزموا أحكامنا فتلزمهم بالشرط المعقود عليهم ، فلو ، فإن شرط في أمانه التزام حكمنا حددناهما ، وإن لم يشترط ذلك في أمانه حددنا المسلمة دون المعاهد . وكذلك دخل معاهد إلى دار الإسلام بأمان فزنا بمسلمة مطاوعة حد المسلم ولم تحد المعاهدة ، إلا أن يشترط في أمانها التزام حكمنا فتحد . المعاهدة إذا دخلت دار الإسلام بأمان فزنا بها مسلم