فصل : [ غزوة بني قينقاع ]
وغزا بني قينقاع ، وكان سببها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وادعهم حين قدم غزوة المدينة في جملة من وادعه من اليهود ، فكانوا أول من نقض عهده ، ونبذوه ، وأظهروا البغض والحسد ، فنزل جبريل - عليه السلام - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول الله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين [ الأنفال : 58 ] . فصار إليهم بهذه الآية في يوم السبت النصف في شوال بعد بدر ببضع وعشرين يوما ، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، [ ص: 30 ] وسار إليهم فتحصنوا منه ، وكانوا أشجع اليهود ، فحاصرهم أشد الحصار خمسة عشر يوما ، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب : فنزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أن له أموالهم ولهم النساء والذرية ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، فكلمه عبد الله بن أبي ابن سلول وكانوا حلفاء الخزرج ، وقال : أحسن فيهم . فأعرض عنه ، فراجعه ، وقال : هؤلاء موالي أربعمائة حاسر ، وثلاثمائة دارع ، قد منعوني من الأحمر ومن الأسود : نحصدهم في يوم واحد ، وإني والله لا آمن وأخاف الدوائر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم وأخذ أموالهم وسلاحهم ، وكانوا صاغة ، ولم يكن لهم حرب . وأمر بإخراجهم إلى " أذرعات " الشام ، فسار بهم عبادة بن الصامت حتى بلغ " دباب " وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس غنائمهم وصفية وسهمه وقسم أربعة أخماسه بين أصحابه ، فكانت بدر . أول غنيمة خمسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد