[ - ] ذكر الدنانير التي قسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم
وكان قد بقي عنده مال أصابه ستة دنانير ، تركها عند عائشة رضي الله عنها ، فاستدعاها وفرقها وقال : محمد لو لقي الله وهي عنده ، فلما جد به الموت أرسلت ما ظن عائشة - رضي الله عنها - بمصباحها إلى امرأة من الأنصار وقالت : اقطري فيه من سمن عكتك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسى في شديد الموت .
[ ذكر ] ما قاله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه قبل الوفاة
وروى أبو هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : . اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
وروى ابن عباس قال : اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس ، واشتد وجعه ، فقال : ، وسكت عن الثالثة . ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ، فقال بعض من كان عنده إن نبي الله يهجر استفهموه فأعادوه فقال : دعوني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ، وأوصى بثلاث فقال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم
[ ص: 93 ] وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا فاطمة في مرضه هذا فناجاها فبكت ، ثم ناجاها فضحكت ، فلما مات سألتها عن بكائها وضحكها فقالت : إنه أخبرني أنه يقبض في مرضه هذا فبكيت ، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به ، وأنني سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران فضحكت .
وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتماع الأنصار في مسجده رجالهم ونساؤهم وصبيانهم يبكون عليه ، فأمر أن يصب عليه سبع قرب من سبع آبار ، فاغتسل ووجد راحة ، فخرج فصلى بالناس ثم خطبهم فقال : المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون ، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيأتها التي هي عليها اليوم ، وهم عيبتي التي أويت إليها ، وكرشي التي آكل فيها ، فاحفظوني فيهم ، أكرموا كريمهم ، وأحسنوا إلى محسنهم ، لكل نبي تركة ، وإن الأنصار تركتي . وقال للأنصار : يا معشر الأنصار ، إنكم تلقون بعدي أثرة ، قالوا : يا نبي الله فما تأمرنا ؟ قال : آمركم أن تصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، وكان آخر مجلس جلسه حتى قبض . يا معشر
ولما ضعف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخروج للصلاة بأصحابه قال أبا بكر فليصل بالناس ، فقالت عائشة : إن أبا بكر رجل رقيق : إذا وقف موقفك بكى ، ولم يسمع الناس فلو أمرت عمر يصلي بالناس فقال : إنكن صواحب يوسف ، مروا بلالا فليؤذن ، ومروا أبا بكر فليصل بالناس ، فحضر أصلى الناس ؟ فقيل لا هم ينتظرون خروجك إليهم ، فقال مروا أبو بكر ، فصلى بالناس وكانت صلاة عشاء الآخرة ، وتأخر بعض الصلوات ، عمر ، فصلى فسمع تكبيره ، فقال : من هذا ؟ قيل : عمر ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فصلى بهم فتقدم أبو بكر فلما كان في يوم الاثنين وكان أبو بكر في صلاة الصبح ، وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكونا من وجعه قال : إن الله تعالى جعل قرة عيني في الصلاة ، فكشف الستر
. وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوكأ على الفضل بن العباس وثوبان مولاه حتى دخل المسجد والناس مع أبي بكر وهم قيام في الثانية من الصبح ، فوقف على يمين أبي بكر ، فاستأخر أبو بكر ، فأعاده إلى موقفه وجلس ، وأبو بكر قائم حتى تمت صلاة أبي بكر ، وأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعة الثانية وقال بعد فراغه : لم يقبض نبي قط حتى يؤمه رجل من أمته ، ومات في بقية يومه ذلك ، وكان عدد ما صلى أبو بكر بالناس سبع عشرة صلاة .
وقيل لعائشة : لم راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعدل بالصلاة عن أبيك إلى عمر ؟ قالت : لأنه وقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه .