فصل : والثاني : ، ولا يعطل الجهاد إذا قدر عليه : لأن فرضه على الأبد ما بقي للكفار دار ، والذي استقرت عليه سيرة الخلفاء الراشدين أن يكون لهم في كل سنة أربع غزوات ، صيفية في الصيف ، وشتوية في الشتاء ، وربيعية في الربيع ، وخريفية في الخريف . وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فرض الجهاد عليه على هذا وأكثر منه : لأن له في تسع سنين سبعا وعشرين غزوة بنفسه : قاتل منها في تسع غزوات ، وسبعا وأربعين سرية بأصحابه ، وينبغي أن يجعل كل غزوة منها إلى ثغر : حتى لا يكون أحد الثغور معطلا ، ولا يجمعهما على ثغر واحد فيتعطل ما عداه إلا أن يرجو الاستيلاء عليه إن والى غزوه : فلا بأس أن يواليه حتى يفتحه فيصير من بلاد الإسلام . أن يغزو كل عام إما بنفسه أو بسراياه
فإن عجز الإمام عن أربع غزوات في كل عام انتصر منها على ما قدر عليه . وأقل ما عليه أن يغزو في كل عام مرة ، ولا يجوز أن يتركها إلا من ضرورة لقول الله تعالى : أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين [ التوبة : 126 ] . قال قتادة : إنها وردت في الجهاد ، ولأن فرض الجهاد متكرر ، وأقل الفروض المتكررة ما وجب في كل [ ص: 141 ] عام مرة كالصيام والزكاة : ولأن الله تعالى جعل للغزاة سهم سبيل الله في الزكاة ، وفرضها يجب في كل عام مرة فكذلك الجهاد .