فصل : فإذا تقرر توجيه القولين فإن قيل بالأول : إنهم لا يقتلون كانوا كالأسير إذا أسلم ، بين ثلاثة أحكام : أن يسترقهم ، أو يفادي بهم ، أو يمن عليهم على ما ذكرناه من القولين ، وإن قيل بالقول الثاني : إنهم يقتلون كانوا كالأسرى إذا لم يسـلموا ، فيكون الإمام فيهم على خياره بين أربعة أحكام : أن يقتل ، أو يسترق ، أو يفادي ، أو يمن ، فأما الأجراء فإنهم يقتلون قولا واحدا ، ويكون الإمام فيهم على خياره بين الأحكام الأربعة : لأنهم أعوان علينا أو مقاتلة لنا . فإن قيل : فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فهل يرقون أو يكون الإمام فيهم على خياره ؟ نهى عن قتل العسفاء والوصفاء ، والعسفاء : الأجزاء . والوصفاء : جمع وصيف ، قيل : إنما نهى عن قتلهم لئلا يقع التشاغل بهم عن قتل المقاتلة : لأنهم أذل نفوسا ، وأقل نكاية ، وأنهم لا يفوتون إن هربوا ، ولا يمتنعون إن طلبوا ، وعلى مثل هذا حمل نهي أبي بكر - رضي الله عنه - عن قتل أصحاب الصوامع .