مسألة : قال الشافعي : " وما فعل المسلمون بعضهم ببعض في دار الحرب لزمهم حكمه : حيث كانوا إذا جعل ذلك لإمامهم لا تضع الدار عنهم حد الله ولا حقا لمسلم ، ( وقال ) في كتاب السير : ويؤخر الحكم عليهم حتى يرجعوا من دار الحرب " .
[ ص: 210 ] قال الماوردي : وهذا كما قال : ، وجب بها الحد في دار الحرب على المسلم أو الذمي ، سواء كان فيها الإمام أو لم يكن . كل معصية وجب بها الحد في دار الحرب على مسلم أو ذمي
وقال أبو حنيفة : يجب بها الحد إن كان الإمام فيها ، ولا يجب إن لم يكن فيها : احتجاجا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها وفرق بين الدارين في الإباحة والحظر ، كما فرق بينهما في السبي والقتل : فأوجب ذلك وقوع الفرق بينهما في وجوب الحد .
ودليلنا عموم الآيات في الحدود الموجبة للتسوية بين دار الإسلام ودار الحرب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ، فعم ولم يخص ، ولأنها حدود تجب في دار الإسلام : فاقتضى أن تجب في دار الحرب كما لو حضر الإمام ، ولأنها حدود تجب بحضور الإمام : فاقتضى أن تجب بغيبة الإمام كدار الإسلام ، ولأنه لما استوت الداران في تحريم المعاصي : وجب أن تستويا في لزوم الحدود ، ولأنه لما لم تختلف أحكام العبادات من الصلاة والزكاة ، والصيام باختلاف الدارين : وجب أن لا تختلف أحكام المعاصي باختلاف الدارين . من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله : فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه
فأما الخبر فمحمول على إباحة ما تصح استباحته من الأموال والدماء ، وليس بمحمول على ما لا يجوز استباحته من الكبائر والمعاصي .