فصل : فإذا ثبت ما تضمنته دعوتهم ثلاثة أقسام : وجوب إنذارهم بالدعوة قبل قتالهم أنفسهم
أحدها : ما هم فيه محجوجون بعقولهم دون السمع ، وهو معجزات الرسل وحججهم الدالة على صدقهم في الرسالة .
والقسم الثاني : ما هم فيه محجوجون بالسمع دون العقل ، وهو ما تضمنه التكليف من أمر ونهي .
والقسم الثالث : ما اختلف فيه وهو التوحيد ، هل هم فيه محجوجون بالعقل أو بالسمع ، على وجهين لأصحابنا مع تقدم خلاف المتكلمين فيه :
أحدهما : - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - وزعم أنه من الظاهر من مذهب الشافعي - أنهم محجوجون فيه بالعقل دون السمع كالقسم الأول .
[ ص: 214 ] والوجه الثاني : - وهو قول أبي حامد الإسفراييني ، وزعم أنه الظاهر من مذهب الشافعي - أنهم محجوجون فيه بالسمع وإن وصلوا إلى معرفته بالعقل ، وبالوجه الأول قال أكثر البصريين ، وبالوجه الثاني قال أكثر البغداديين ، وهذان الوجهان مبنيان على اختلاف وجهي أصحابنا في التكليف هل اقترن بالعقل ، أو تعقبه ؟ فمن زعم أنه اقترن بالعقل جعلهم محجوجين في التوحيد بالعقل دون السمع ، ومن زعم أنه تعقب العقل جعلهم محجوجين بالسمع دون العقل .