مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا يفرق بينها وبين ولدها حتى يبلغ سبع أو ثمان سنين وهو عندنا استغناء الولد عنها وكذلك ولد الولد " .
[ ص: 243 ] قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يجوز أن إذا سبوا ، ولا في البيع إذا ملكوا ؛ لرواية يفرق بين الأم وولدها في القسمة أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة
وروى عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . ملعون ملعون من فرق بين امرأة وبين ولدها
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع امرأة تبكي فقال : ما لهذه تبكي ؟ فقيل له : فرق بينها وبين ولدها . فقال : لا توله والدة على ولدها .
أي : لا يفرق بينهما بالبيع فتوله عليه بالحزن والأسف ، مأخوذ من الوله ، ولأن في التفرقة بينهما في الصغر إدخال ضرر عليهما بحزن الأم وضياع الولد .
فإذا ثبت هذا ، ففي قولان الزمان الذي تحرم فيه التفرقة بينهما للشافعي :
أحدهما : نص عليه في سير الواقدي ، ونقله المزني إلى هذا الموضع إلى استكمال سبع سنين ، ثم يفرق بينهما من بعد ، وبه قال مالك : لأنه حد التفرقة في تخيير الكفالة ، ولأنه يستقل فيها بنفسه في لباسه ومطعمه .
والقول الثاني : إلى وقت البلوغ ، وبه قال أبو حنيفة لرواية عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يفرق بين والدة وولدها ، قيل : إلى متى ؟ قال : حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ولولا أن في هذا الحديث ضعفا : لأن راويه عبد الله بن عمرو بن سعيد بن الربيع بن عبادة بن الصامت ، وقد طعن علي بن المديني في عبد الله بن عمرو بن سعيد ، ونسبه إلى الكذب ، لما اختلف القول فيه ، ولما شاع خلافه ، ولأنه لما استحقت الكفالة على الوالدين إلى البلوغ ، ثم يفارقهما الولد بعد البلوغ كان البلوغ حدا في التفرقة .
وقال أحمد بن حنبل : لا تجوز التفرقة بينهما على الأبد تمسكا بعموم الظاهر ، وحديث عبد الله بن الصامت دليل عليه إن صح ، ثم المعنى المعتبر في الجمع بينهما في الصغر مفقود في الكبر من وجهين :
أحدهما : أنه مضر في الصغر ، وغير مضر في الكبر .
والثاني : أنه معهود في الكبر ، وغير معهود في الصغر .