فصل : وأما ، فلا جزية عليهم ، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : العبيد لا جزية على العبيد .
وقال عمر : لا جزية على مملوك .
ولأنهم تبع لساداتهم ، ولأنهم لا يملكون ، فكانوا أسوأ حالا من الفقراء ، ولأنهم مماليك ، فكانوا كسائر الأموال ، وكذا لا جزية على مدبر ، ولا مكاتب ، ولا أم ولد : لأنهم عبيد ، ولا جزية على من بعضه حر وبعضه مملوك : لأن أحكام الرق عليه أغلب .
وقيل : إنه يؤدي من الجزية بقدر ما فيه من الحرية : لأنه يملك بها ، فإذا عتق [ ص: 309 ] العبد على كفره ، وكان من أهل الكتاب استؤنفت جزيته ، وسواء أعتقه مسلم أو كافر .
وقال مالك : إن أعتقه مسلم ، فلا جزية عليه ، لحرمة ولائه ، وهذا خطأ : لأن حرمة النسب أغلظ ، ولا تسقط الجزية بإسلام الأب ، فكان أولى أن لا تسقط بإسلام المعتق ، لكن إن كان المعتق مسلما استؤنفت جزيته عن مراضاة ، وإن كان معتقه ذميا ، ففيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه يلزمه جزية معتقه : لأنها لزمته بعتقه .
والوجه الثاني : يلزمه جزية عصبته : لأنهم أخص بميراثه ونصرته .
والوجه الثالث : أنه لا يلزمه إلا ما استأنف الصلح عليه بمراضاته ، ليفرده بها من غيره ، فإن امتنع منها نبذ إليه عهده ثم صار حرا ، وعلى الوجهين الأولين تؤخذ منه جبرا .