مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " كان فيها سلاح أو لم يكن لأنها ذكاة بغير فعل أحد " . ولا يؤكل ما قتلته الأحبولة
قال الماوردي : اعلم أن الصيد الممتنع لتعذر القدرة عليه يتوصل إليه بأسباب تجعل حيلا في القدرة عليه ، وهو يتنوع بأنواع :
أحدها : الجوارح المرسلة عليه ، وقد ذكرناها .
والثاني : ، فإن قتل بثقله كالحجر والخشب ، فهو وقيذ لا يؤكل وإن قطع بحده أو بعد تدمية ، فهو مأكول ، فأما المعراض فهو آلة تجمع خشبا وحديدا ، فإن أصاب بحده أكل ، وإن أصاب بعرضه فهو وقيذ . السلاح الذي يرمي به
والنوع الثالث : كالفخ والشرك والشبكة والأحبولة ، فإذا وقع فيه وأدركت ذكاته حل ، وإن فاتت ذكاته ومات لم يؤكل سواء كان في الآلة سلاح قطع بحد أو لم يكن فيها سلاح ، فمات بضغطه . ما نصب له من الآلة التي تفارق آلته ، فتضغطه ، وتمسكه
وقال أبو حنيفة : إن كان فيها سلاح قطع بحده يحل استدلالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : . ما أنهر الدم ، وفرى الأوداج ، فكل
ولأنه يمتنع عقره بحد ، فحل أكله كالمرمي بحديدة .
ولأنه لما استوى السبب والمباشرة في وجوب الضمان وجب أن يستويا في إباحة الأكل .
[ ص: 26 ] ودليلنا : ما علل به الشافعي أنها ذكاة بغير فعل أحد .
وبيانه : أن الذكاة تكون بفعل فاعل مباشر ، ولا تحل بغير فعل مباشر .
وتحريره أنها ذكاة ، فوجب أن تحل بالمباشرة دون السبب كمن نصب سكينا ، فاحتكت بها شاة فانذبحت لم تؤكل .
وعلل أبو الطيب بن سلمة بأن الصيد يحل إذا كان معينا أو من جملة معينة ، كما لم يحل ، والمقتول بسلاح الأحبولة لم يكن معينا ، ولا من جملة معينة ، وفي هذا التعليل دخل : لأنه لو نصبه لصيد معين أو لجملة معينة لم يحل . لو رمى سهما إلى علو فسقط على صيد اعترضه
وعلل أبو إسحاق المروزي بأن الذكاة تحل بالفاعل ، والأحبولة لا فعل لها ، وإنما الفعل للصيد الواقع فيها ، فلم يحل كما لو احتك بحديدة أو شجرة انذبح بها .
وأما الجواب فهو أنه وارد فيما تصح فيه الذكاة من الآلة إذا أنهر الدم ، وفرى الأوداج بحده ثم بشروط الاستباحة ، فهي موقوفة على غير المباشرة .
وأما قياسهم على المباشرة ، فهو ما منعنا به من الجمع بين السبب والمباشرة .
وأما استدلالهم بالضمان ، فوجوب الضمان أعم ، وإباحة الأكل أخص فافترق حكم العموم والخصوص .