مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " ولو أصاب ظبيا مقرطا فهو لغيره " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، : لخروجه عن صفة الخلقة إلى آثار الملك ، فخرج به عن حكم الإباحة إلى حكم الحظر ، وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بظبي واقف فيه أثر فهم به أصحابه فمنعهم وقال : إذا كان على الصيد أثر ملك أو يد آدمي من قرط أو ميسم أو خضاب أو قلادة لم يملكه صائده حتى يجيء صاحبه وإذا لم يملكه لم يخل حاله بعد صيده من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون قد صار في يده حيا ، فهو في حكم اللقطة ، من ضوال الحيوان يعرفها ولا يضمها ، فإن أرسل الصيد من غير تعريف ضمنه لمالكه .
والحال الثانية : أن يكون ثابتا في شبكته أو شركه ، فلا يلزمه تعريفه : لأنه لم يثبت له عليه يد ، وإن حل الشبكة عنه ، فاسترسل وامتنع لم يضمه : لأنه وإن جرى على ما في الشبكة حكم يده من ملك الصيد لم يجر عليها حكم يده من الضمان والتعريف : لأنه لم يضعها لهذا الحكم ، وإنما وضعها لثبوت الملك .
[ ص: 57 ] والحال الثالثة : أن يموت هذا الصيد باصطياده فلا يخلو حال ما مات به من ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يموت في شبكة قد وضعها فلا يضمنه : لأن وضع الشبكة مباح ، فلم يضمن ما تلف بها .
والضرب الثاني : أن يموت بسهم رماه ، فيكون ضامنا له : لأنه تلف بفعله ، وإن كان مغرورا به : لأن الضمان لا يسقط إلا بالأعذار .
والضرب الثالث : أن يموت بإرسال الكلب عليه ففي ضمانه وجهان :
أحدهما : يضمنه كما يضمنونه بسهمه .
والوجه الثاني : لا يضمنه : لأن قتل الكلب منسوب إلى اختياره ، وقتل السهم منسوب إلى راميه .