فصل : وأما المختلف فيه ، فهو  ما أشبه حيوان البر من دواب الماء من الفأر والكلاب والخنازير   ، وقيل : إنه ليس في البر حيوان إلا وفي البحر مثله ، فاختلف الفقهاء في إباحة أكله على ثلاثة مذاهب :  
أحدها : هو الظاهر من مذهب  الشافعي   أن جميعه حلال مأكول ، يستوي فيه ما أشبه مباحات البر ومحرماته من كلابه وخنازيره ، وقد قال في كتاب السلم يؤكل فأر الماء .  
وقال  الربيع      : سئل  الشافعي   عن خنزير الماء فقال : يؤكل ، ولما دخل  العراق   سئل عن اختلاف  أبي حنيفة   وابن أبي ليلى   في أكل هذا ، وهذا حرمه  أبو حنيفة   ، وأحله  ابن أبي ليلى   ، فقال : أنا على رأي  ابن أبي ليلى   ، يعني في إباحته وبه قال من الصحابة  أبو بكر   وعمر   وعثمان   وعبد الله بن عباس   ،  وأبو أيوب الأنصاري   ،  وأبو هريرة   رضي الله عنهم .  
وفي التابعين  الحسن البصري      .  
وفي الفقهاء  مالك   ،  وابن أبي ليلى   ،  والأوزاعي   ،  والليث بن سعد   ، وهو قول الجمهور من أصحاب  الشافعي   ، حكى  ابن أبي هريرة   عن  أبي علي بن خيران   أن أكارا له صاد له كلب ماء ، وحمله إليه ، فأكله ، وكان طعمه موافقا لطعم الحوت لا يغادر منه شيئا .  
والمذهب الثاني : وهو قول  أبي حنيفة   أن جميعه حرام لا يؤكل ، ولا يحل من حيوان البحر إلا السمك خاصة ، وبه قال بعض أصحاب  الشافعي      .  
 [ ص: 61 ] وقال  الشافعي   في بعض كتبه : إنه لا يحل من صيد البحر إلا الحوت ، فاختلف أصحابه في اسم الحوت ، فقال بعضهم : هو من الأسماء العامة ينطلق على جميع حيوان البحر إلا الضفدع ، وما قتل أكله من ذوات السموم ، فعلى هذا لا يختلف قوله في إباحة أكله .  
وقال آخرون من أصحابه : إن اسم الحوت خاص بالسمك دون غيره ، فعلى هذا جعلوه قولا ثانيا  للشافعي   أن أكله حرام ، كقول  أبي حنيفة      .  
والمذهب الثالث : وهو قول بعض أصحاب  الشافعي   أن ما أشبه مباحات البر من دواب الماء حلال ، وما أشبه محرمات البر من كلاب الماء وخنازيره حرام جميعا بين حيوان البر وحيوان البحر .  
				
						
						
