مسألة : قال الشافعي : " فإن قال : اللهم منك وإليك ، فتقبل مني ، فلا بأس هذا دعاء ، فلا أكرهه " .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه لا يثبت أنه ضحى بكبشين ، فقال في أحدهما بعد ذكر الله : اللهم عن محمد وآل محمد ، وفي الآخر : اللهم عن محمد وأمة محمد .
قال الماوردي : اعلم أن هذا مباح وليس بمكروه ، وفي استحبابه وجهان ، وكرهه مالك وأبو حنيفة ، والدليل عليها رواية عائشة رضي الله عنها محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبش أقرن فأضجعه ، وقال : بسم الله اللهم تقبل من
ولأن قوله : ، فتقبل مني اعترافا بالنعمة وامتثالا للأمر ورغبا في الدعاء : لأن قوله : اللهم منك اعتراف بأن الله أعطاه ورزقه ، وقوله : وإليك : إبانة عن التقرب إليه بطاعته وقوله : " فتقبل مني " دعاء يسأل فيه القبول ، وليس في واحد من هذه الثلاثة مكروها ، وقد روي عن بعض السلف أنه كان يقول : اللهم تقبل مني كما تقبلت من اللهم منك وإليك إبراهيم خليلك وموسى كليمك وعيسى روحك ومحمد عبدك ورسولك . وهذا ليس بمكروه إن قاله ، ولا مستحب ، لأن قرب الأنبياء لا يساويهم غيرهم ، فلذلك لم يستحب ، وأما قوله عند الضحية : اللهم خذ هذا عن فلان ، فليس بمستحب : لأنه إخبار بما قد علمه الله تعالى قبل ذكره لا يتضمن دعاء ، ولا اعترافا بالنعمة ، وقد روى الشافعي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن ابن عقيل ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد وآل محمد . ونقل كان يشتري كبشين عظيمين سمينين أملحين موجئين ، فيذبح أحدهما عن أمته من شهد منهم بالتوحيد ، وشهد له بالبلاغ والآخر عن المزني هاهنا عن الشافعي أنه لم يثبت ، فإن لم يثبت هذا الحديث ، كان قوله : عن فلان مكروها ، وإن ثبت لم يكن مكروها ، ويكون تأويل قوله : في أحدهما : عن أمة محمد ، وفي الثاني : عن محمد وآل محمد ، وإن كان الكبش الواحد لا يجزئ إلا عن واحد ، فمحمول على أحد وجهين : إما أن يكون تأويله أنه يجزئ عنهم مثله ، كما يجزئ عني ، وإما أن يكون مراده أن يجعل ثوابه منهم كثوابه مني .