فصل : والقسم الثالث : أن تكون أقل من ثمن أضحيته ، فهذا على ضربين : قيمة الأضحية المضمونة
أحدهما : أن يكون المضحي قد ضمنها إما منفردا بضمانها كما لو أتلفها ، وإما مشتركا بينه وبين غيره كما لو باعها فعليه أن يزيد على القيمة ، ويشري به مثلها : لأنا قد دللنا على أنه يضمنها في حق نفسه بأكثر الأمرين من قيمتها أو مثلها ، فإذا عجزت القيمة ضمن المثل .
والضرب الثاني : أن تكون القيمة قد تفرد بضمانها أجنبي غير المضحي من [ ص: 107 ] غاصب أو جان فلا يلزم الأجنبي أكثر من القيمة ، وفي ضمان المضحي لما زاد عليها حتى يبلغ ثمن أضحيته وجهان :
أحدهما : يضمنه : لأنه قد التزم أضحية فلزمه إكمالها فيصير بالالتزام ضامنا لا بالتلف .
والوجه الثاني : هو أظهر ، وبه قال ابن أبي هريرة أنه لا يلزم تمام الأضحية : لأنه لم يتلف فيضمن ، وقد قام من إيجابها بما التزم ، فلم يضمن كما لو لم يضمن بالموت ، فعلى هذا لا تخلو القيمة المستحقة من خمسة أحوال :
أحدها : أن يمكن أن يشتري بها من جنس تلك الأضحية ما يكون أضحية وإن كانت دون التالفة ، مثل أن يكون قد أتلف ثنية من الضأن ، فيمكن أن يشتري بقيمتها جذعة من الضأن فعليه أن يشتري بها جذعا من الضأن ، ولا يجوز أن يشتري بها ثنية من المعز : لأنها من جنس المتلف فكانت أحق .
والحال الثانية : أن يكون ثمنا لدون الجذعة من الضأن أو الثنية من المعز ، فعليه أن يشتري بها ثنية من المعز ، وإن كانت من غير جنسها ، وهي أولى من أقل من الجذعة من الضأن ، وإن كانت من جنسها : لأن الثنية من المعز أضحية ودون الجذع ليس بأضحية .
والحال الثالثة : أن يمكن أن يشتري بها دون الجذع مما يكون أضحية أو سهما شائعا في أضحية ، فعليه أن يشتري بها ما كيل من دون الجذع ، وهو أولى من شراء سهم وجذع تام : لأنهما قد استويا في أنهما لا يكونان أضحية واختص ما دون الجذع بإراقة دم كامل .
والحال الرابعة : أن يمكن أن يشتري بها سهما شائعا في أضحية أو لحما ، ويشتري بها سهما في أضحية ، وهو أحق أن يشتري به لحما ، لأن في السهم الشائع إراقة دم ، وليس في اللحم ذلك ، وخالف الزيادة حيث اشترى بها في أحد الوجوه لحما : لأن الزيادة بعد إراقة الدم وهذه لم يحصل قبلها إراقة دم .
والحال الخامسة : أن لا يمكن أن يشري بها حيوانا ولا سهما منه ، ويمكن أن يشتري بها لحما أو يفرقها ورقا ، فيجب أن يشري بها لحما ولا يفرقها ورقا بخلاف الزائد على القيمة في أحد الوجوه : لأن اللحم هو مقصود الأضحية وقد وجد في الزيادة مقصودها ، فجاز أن يفرق ورقا ، ولم يوجد في النقصان مقصودها ، فوجب أن يفرق لحما ، وبالله التوفيق .