[ ص: 110 ] مسألة : قال الشافعي : وإن أوجبه ناقصا ذبحه ولم يجزه .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، ، لأن نقصها يمنع من الأضحية وإيجابها يوجب ذبحها ، وأن يسلك بها مسلك الأضحية لأمرين : إذا ابتدأ إيجاب أضحية ناقصة وجبت ولم تكن أضحية
أحدهما : أنه قد أخرجها عن ملكه بالإيجاب فلم تعد إليه .
والثاني : أنه بمثابة من أعتق عبدا معيبا عن كفارته لم يجزه عنها ولم يعد إلى رقه بعد العتق ، فلو أوجبها ناقصة فلم يذبحها حتى زال نقصها ، ففي كونها أضحية قولان :
أحدهما : - قاله في الجديد وبعض القديم - لا تكون أضحية اعتبارا بحال إيجابها ، وإن لزمه ذبحها كمن أعتق عن كفارته عبدا معيبا فزال عيبه بعد عتقه لم يجزه عن كفارته وإن عاد إلى سلامته .
والقول الثاني : - في القديم : أنها تكون أضحية مجزية ، لأنها ما وصلت إلى المساكين إلا سليمة ، ولو أوجبها وهي معيبة عن أضحية في الذمة بطل إيجابها لعدم إجزائها ، ولم يلزم ذبحها لبطلان إيجابها ، فلو عادت إلى حال السلامة لم يصح ما تقدم من إيجابها حتى يستأنفه بعد السلامة .
قال الشافعي رحمه الله : ولو ضلت بعد ما أوجبها فلا بدل ، وليست بأكثر من هدي التطوع يوجبه صاحبه فيموت ولا يكون عليه بدل .
قال الماوردي : ، فلا يخلو أن تضل بتفريط منه أو بغير تفريط ، فإن ضلت بتفريط منه في حفظها فعليه طلبها ، فإن ماتت ضمنها ، فإن علم أنه يجدها بعد أيام التشريق ولا يجدها في أيام التشريق لزمه بدلها في أيام التشريق ، ولم يجز أن ينتظرها بعد فوات زمانها ، فإذا وجدها بعد فوات الزمان لزمه أن يضحي بها فيصير بالتفريط ملتزما الأضحيتين ، وإن ضلت بغير تفريط منه في حفظها فلا تخلو من ثلاثة أحوال : إذا أوجب أضحية فضلت منه
أحدها : أن تضل قبل أيام التشريق وهي مسألة الكتاب فلا ضمان عليه ، لأنها في يده أمانة لا تضمن إلا بالعدوان .
ولأنه ليس ضلالها بأكثر من موتها وهو لا يضمنها بالموت فأولى أن لا يضمنها بالضلالة ثم ينظر ، فإن كان لطلبها مؤونة لم يجب عليه طلبها ، وإن لم يكن في طلبها مؤونة وجب عليه طلبها ، لأنه مؤتمن عليها في حقوق المساكين ، وإن ضلت بتفريط كان عليه طلبها بمؤونة وغير مؤونة .
[ ص: 111 ] والحالة الثانية : أن تضل منه بعد أيام التشريق فعليه ضمانها ، لأن تأخير نحرها تفريط منه يوجب عليه الضمان إلا أن يؤخرها لعذر فلا يضمن .
والحال الثالثة : أن تضل منه في أيام التشريق بعد مضي بعضها وبقاء بعضها ، فهل يكون ذلك تفريطا منه يلتزم به ضمانها أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يكون تفريطا لبقاء زمان النحر وجواز تأخيرها إليه فلم يفرط فيه ، فعلى هذا لا يضمنها ، ولا يلزمه طلبها إن كان له مؤونة .
والوجه الثاني : أنه يكون تفريطا منه ، لأن نحرها بدخول الزمان مستحق ، وتأخيره رخصة كتأخير الحج بعد وجود الزاد والراحلة مباح ، فلو مات قبل أدائه كان فرضه مستقرا ، فعلى هذا يضمنها ويلزمه طلبها بمؤونة وغير مؤونة .