فصل : فإذا ثبت وجوب نحرها عند وجودها ففي حكمها بعد ذبحها وجهان :
أحدهما : وهو قول الجمهور أنه يسلك بها بعد الذبح مسلك الضحايا في وقتها يأكل ويتصدق ويهدي على حكمها في الأصل إذا ذبحت في أيام النحر .
[ ص: 112 ] والوجه الثاني : - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - أنها تكون للمساكين خاصة لا يجوز أن يأكل منها ولا يدخر : لأنها قد خرجت بفوات ذبحها في أيام النحر من الأداء إلى القضاء فصارت حقا لغيره ، ثم لا يخلو حالها أن تكون مضمونة بالتفريط أو غير مضمونة ، فإن كانت غير مضمونة ، لأنه غير مفرط فليس بملتزم لغيرها ، وقد فعل في نحرها وتفريقها ما لزمه ، فإن كانت مضمونة بالبدل لتفريط فيها فلا يخلو حال بدلها بعد وجودها من أربعة أحوال :
أحدها : أن تكون في ذمته ولم يوجبه في غيرها فتبرأ ذمته من البدل بوجودها كالعبد المغصوب إذا أبق ، وكان الغاصب مأخوذا بالقيمة فوجده برئت ذمته من القيمة بوجوده .
والحال الثانية : أن يكون قد أوجب البدل وعينه في غيرها وهو باق ولم يذبحه ، فقد سقط إيجاب بدلها بوجودها ، وعاد إلى ملكه كقيمة المغصوب إذا أخذت ثم وجد ردت .
والحال الثالثة : أن يكون بدلها قد ذبح وفرق في أهل الضحايا قبل وجودها فيصير ذبح البدل أضحية تطوع ، ولا يعتاض عن البدل باستبقاء الأصل بل يذبحه بعد البدل فيكون أضحيتين .
والحال الرابعة : أن يكون البدل ولحمه باقيا عند وجود الأصل ففيه وجهان :
أحدهما : أن لحم البدل قد صار أضحية بالذبح فيجب أن يسلك به مسلك الضحايا .
والوجه الثاني : قد زال عنه حكم الضحايا قبل تفرقته كما زال حكمها عنه في حياته فيصنع به ما شاء من بيع وغيره .