مسألة : قال الشافعي : " ولو أرسله مفارقا للشن فهبت ريح فصرفته أو مقصرا فأسرعت به فأصاب حسب مصيبا ولا حكم للريح " .
قال الماوردي : اعلم أن ، وحذاق الرماة يعرفون مخرج السهم عن القوس هل هو مصيب أو مخطئ ، فإذا خرج السهم ، فغيرته الريح ، فهو على ضربين : للريح تأثيرا من تغيير السهم عن جهته
أحدهما : أن أو يكون مقصرا عن الهدف ، فتعينه الريح حتى ينبعث ، فيصيب ، فتعتبر حال الريح ، فإن كانت ضعيفة كان محسوبا في الإصابة : لأننا على يقين من تأثير الرمي ، وفي شك من تأثير الريح ، وإن كانت الريح قوية نظر ، فإن كانت موجودة عند إرسال السهم كان محسوبا في الإصابة ؛ لأنه قد اجتهد في التحرز من تأثير الريح بتحريف سهمه ، فأصاب [ ص: 222 ] باجتهاد رميه ، وإن حدثت الريح بعد إرسال السهم ، ففي الاحتساب به وجهان تخريجا من اختلاف قوليه في الاحتساب بإصابة المزدلف : يخرج مفارقا للشن ، فتعدل به الريح إلى الشن فيصيب
أحدهما : يحتسب به مصيبا إذا احتسب بإصابة المزدلف .
والوجه الثاني : لا يحتسب مصيبا ، ولا مخالفا إذا لم يحتسب بإصابة المزدلف .
والضرب الثاني : أن يخرج السهم موافقا للهدف ، فتعدل به الريح حتى يخرج عن الهدف ، فيعتبر حال الريح ، فإذا كانت طارئة بعد خروج السهم عن القوس ألغي السهم ، ولم يحتسب به في الخطأ ؛ لأن التحرز من حدوث الريح غير ممكن ، فلم ينسب إلى سوء الرمي ، وإن كانت الريح موجودة عند خروج السهم نظر فيها ، فإن كانت قوية لم يحتسب به في الخطأ : لأنه أخطأ في اجتهاده الذي يتحرز به من الريح ، ولم يخطئ من سوء الرمي ، وإن كانت الريح ضعيفة ، ففي الاحتساب به من الخطأ وجهان :
أحدهما : يكون خطأ : لأننا على يقين من تأثير الرمي ، وفي شك من تأثير الريح .
والوجه الثاني : لا يكون محسوبا في الخطأ ؛ لأن الريح تفسد صنيع المحسن ، وإن قلت كما تفسده إذا كثرت .