فصل : [ القسم الثاني وهو المفسر والمجمل ] .
وأما القسم الثاني : وهو المفسر والمجمل
nindex.php?page=treesubj&link=28090فالمفسر هو الذي يفهم منه المراد به .
nindex.php?page=treesubj&link=21313والمجمل هو ما لم يفهم منه المراد به .
ومثله في الكتاب قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده [ الأنعام : 141 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة [ البقرة : 43 النساء : 4 ، 7 النور : 56 المزمل : 20 ] .
ومثله في السنة : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925013أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " .
فإن قيل كيف جاز خطابهم بما لا يفهمونه من المجمل ؟ قيل : لأمرين :
أحدهما : ليكون إجماله توطئة للنفوس على قبول ما يتعقبه من البيان فإنه لو بدأ في تكليف الصلاة والزكاة ببيانهما جاز أن تنفر النفوس منهما ولا تنفر من إجمالهما . والثاني : أن الله تعالى جعل من الأحكام جليا ، وجعل منها خفيا : ليتفاضل الناس
[ ص: 61 ] في العلم بها ، ويثابوا على الاستنباط لها . كذلك جعل منها مفسرا جليا ، وجعل منها مجملا خفيا .
وإذا كان كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28083_21316فالمجمل ضربان :
أحدهما : أن يقع الإجمال في الاسم المشترك .
والضرب الثاني : أن يقع الإجمال في الحكم المبهم .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=21319الإجمال في الاسم المشترك فمثل القرء ينطلق على كل واحد من الحيض والطهر ، والشفق ينطلق على كل واحد من الحمرة والبياض ، والذي بيده عقدة النكاح ينطلق على كل واحد من الأب والزوج .
فإن اقترن بأحدهما بينة أخذ به ، وإن تجرد عن بينة واقترن به عرف عمل عليه .
وإن تجرد عن بينة وعرف وجب الاجتهاد في المراد منهما وكان من خفي الأحكام التي وكل العلماء فيها إلى الاستنباط فصار داخلا في المجمل لخفائه وخارجا منه لإمكان استنباطه .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=21316الإجمال في الحكم المبهم : فضربان :
أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=21318ما كان إجماله في لفظه كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة [ البقرة : 43 - النساء : 77 - النور : 56 - المزمل : 02 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده [ الأنعام : 141 ] .
والثاني : ما كان إجماله بغيره .
مثاله من القرآن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم الربا [ البقرة : 275 ] . والربا صنف من البيوع صار به الباقي من البيوع مجملا على قول كثير من أصحابنا ، وإن قال بعضهم هو عموم خص منه الربا .
ومثاله من السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925487الصلح جائز إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا " وكلا الضربين مجمل يفتقر إلى بيان يفهم به المراد .
فإن قيل : أفيلزم التعبد به قبل بيانه ؟ قيل : نعم ، قد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
معاذا إلى
اليمن وقال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925488ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن أجابوك فأعلمهم أن في أموالهم حقا يؤخذ من أغنيائهم ويرد على فقرائهم ، فتعبدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها .
وفي كيفية تعبدهم بالتزامه وجهان :
أحدهما : أنهم يتعبدون قبل البيان بالتزامه مجملا وبعد البيان بالتزامه مفسرا .
وإذا كان كذلك فالبيان يختلف باختلاف المجمل وهو ضربان :
[ ص: 62 ] أحدهما : ما وكل العلماء إلى اجتهادهم في بيانه من غير سمع يفتقر إليه : مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد [ التوبة : 29 ] . فلم يرد سمع ببيان أقل الجزية حتى اجتهد العلماء في أقلها . وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [ الجمعة : 9 ] . فأجمل ذكر العدد الذي تنعقد به الجمعة حتى اجتهد العلماء فيه . وكقوله تعالى في نفقة الزوجات
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله [ الطلاق : 7 ] . فأجمل قدر النفقة في أقلها وأوسطها وأكثرها حتى اجتهد العلماء في تقديرها فهذا ونظائره من المجمل الذي لا يفتقر إلى بيان السمع ، فبيانه ساقط عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنه مأخوذ من أصول الأدلة المشهورة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925489سأل عمر بن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة فقال : " تكفيك آية الصيف " فوكله إلى الاجتهاد ولم يصرح بالبيان .
واختلف أصحابنا في هذا النوع من البيان الصادر عن الاجتهاد هل يؤخذ قياسا أو تنبيها ؟ على وجهين :
أحدهما : يؤخذ تنبيها من لفظ المجمل وشواهد أحواله ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
لعمر في الكلالة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923595تكفيك آية الصيف " فرده إليها ليستدل بما تضمنها من تنبيه وشواهد حال .
والوجه الثاني : يجوز أن يؤخذ قياسا على ما استقر بيانه من نص أو إجماع
nindex.php?page=hadith&LINKID=925490لأن عمر سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قبلة الصائم فقال : أرأيت لو تمضمضت بماء فجعل القبلة بغير إنزال كالمضمضة بلا ازدراد .
والضرب الثاني من المجمل : ما يفتقر بيانه إلى السمع ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة [ البقرة : 43 ] . لا يوصل إلى بيانه إلا من نص مسموع من كتاب أو سنة . فعلى هذا هل يجوز أن يتأخر بيانه وبيان
nindex.php?page=treesubj&link=21342تخصيص العموم عن وقت نزوله إلى وقت تنفيذه واستعماله أم لا ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : يجوز أن يؤخر بيان العموم والمجمل عن وقت النزول إلى وقت التنفيذ والاستعمال ، لأن
معاذا أخر بيان الزكاة
لأهل اليمن إلى الوقت الذي أخذها منهم .
والوجه الثاني : لا يجوز تأخير بيان المجمل والعموم عن وقت النزول إلى وقت التنفيذ لاختلاف أحوال الناس في الحاجة إلى البيان وليحترز بتعجيله من اخترام المنية للرسول المبين
والوجه الثالث : يجوز تأخير بيان العموم : لأنه قبل البيان مفهوم ، ولا يجوز تأخير بيان المجمل : لأنه قبل البيان غير مفهوم .
فَصْلٌ : [ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُفَسَّرُ وَالْمُجْمَلُ ] .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ الْمُفَسَّرُ وَالْمُجْمَلُ
nindex.php?page=treesubj&link=28090فَالْمُفَسَّرُ هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ بِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21313وَالْمُجْمَلُ هُوَ مَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الْمُرَادُ بِهِ .
وَمِثْلُهُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [ الْأَنْعَامِ : 141 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [ الْبَقَرَةِ : 43 النِّسَاءِ : 4 ، 7 النُّورِ : 56 الْمُزَّمِّلِ : 20 ] .
وَمِثْلُهُ فِي السُّنَّةِ : قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925013أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " .
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ جَازَ خِطَابُهُمْ بِمَا لَا يَفْهَمُونَهُ مِنَ الْمُجْمَلِ ؟ قِيلَ : لِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : لِيَكُونَ إِجْمَالُهُ تَوْطِئَةً لِلنُّفُوسِ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَعَقَّبُهُ مِنَ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ لَوْ بَدَأَ فِي تَكْلِيفِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِبَيَانِهِمَا جَازَ أَنْ تَنْفِرَ النُّفُوسُ مِنْهُمَا وَلَا تَنْفِرُ مِنْ إِجْمَالِهِمَا . وَالثَّانِي : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِنَ الْأَحْكَامِ جَلِيًّا ، وَجَعَلَ مِنْهَا خَفِيًّا : لِيَتَفَاضَلَ النَّاسُ
[ ص: 61 ] فِي الْعِلْمِ بِهَا ، وَيُثَابُوا عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ لَهَا . كَذَلِكَ جَعَلَ مِنْهَا مُفَسَّرًا جَلِيًّا ، وَجَعَلَ مِنْهَا مُجْمَلًا خَفِيًّا .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28083_21316فَالْمُجْمَلُ ضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَقَعَ الْإِجْمَالُ فِي الِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : أَنْ يَقَعَ الْإِجْمَالُ فِي الْحُكْمِ الْمُبْهَمِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=21319الْإِجْمَالُ فِي الِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ فَمِثْلُ الْقَرْءِ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ، وَالشَّفَقُ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ ، وَالَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبِ وَالزَّوْجِ .
فَإِنِ اقْتَرَنَ بِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أُخِذَ بِهِ ، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَاقْتَرَنَ بِهِ عُرْفٌ عَمِلَ عَلَيْهِ .
وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَعُرْفٍ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ فِي الْمُرَادِ مِنْهُمَا وَكَانَ مِنْ خَفِيِّ الْأَحْكَامِ الَّتِي وُكِّلَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا إِلَى الِاسْتِنْبَاطِ فَصَارَ دَاخِلًا فِي الْمُجْمَلِ لِخَفَائِهِ وَخَارِجًا مِنْهُ لِإِمْكَانِ اسْتِنْبَاطِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=21316الْإِجْمَالُ فِي الْحُكْمِ الْمُبْهَمِ : فَضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=21318مَا كَانَ إِجْمَالُهُ فِي لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [ الْبَقَرَةِ : 43 - النِّسَاءِ : 77 - النُّورِ : 56 - الْمُزَّمِّلِ : 02 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [ الْأَنْعَامِ : 141 ] .
وَالثَّانِي : مَا كَانَ إِجْمَالُهُ بِغَيْرِهِ .
مِثَالُهُ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [ الْبَقَرَةِ : 275 ] . وَالرِّبَا صِنْفٌ مِنَ الْبُيُوعِ صَارَ بِهِ الْبَاقِي مِنَ الْبُيُوعِ مُجْمَلًا عَلَى قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ عُمُومٌ خُصَّ مِنْهُ الرِّبَا .
وَمِثَالُهُ مِنَ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925487الصُّلْحُ جَائِزٌ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا " وَكِلَا الضَّرْبَيْنِ مُجْمَلٌ يَفْتَقِرُ إِلَى بَيَانٍ يُفْهَمُ بِهِ الْمُرَادُ .
فَإِنْ قِيلَ : أَفَيَلْزَمُ التَّعَبُّدُ بِهِ قَبْلَ بَيَانِهِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ ، قَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مُعَاذًا إِلَى
الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925488ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا يُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَيُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَتَعَبَّدَهُمْ بِالْتِزَامِ الزَّكَاةِ قَبْلَ بَيَانِهَا .
وَفِي كَيْفِيَّةِ تَعَبُّدِهِمْ بِالْتِزَامِهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ يَتَعَبَّدُونَ قَبْلَ الْبَيَانِ بِالْتِزَامِهِ مُجْمَلًا وَبَعْدَ الْبَيَانِ بِالْتِزَامِهِ مُفَسَّرًا .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْبَيَانُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُجْمَلِ وَهُوَ ضَرْبَانِ :
[ ص: 62 ] أَحَدُهُمَا : مَا وُكِّلَ الْعُلَمَاءُ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ فِي بَيَانِهِ مِنْ غَيْرِ سَمْعٍ يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ : مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ [ التَّوْبَةِ : 29 ] . فَلَمْ يَرِدْ سَمْعٌ بِبَيَانِ أَقَلِّ الْجِزْيَةِ حَتَّى اجْتَهَدَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّهَا . وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [ الْجُمُعَةِ : 9 ] . فَأُجْمِلَ ذِكْرُ الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ حَتَّى اجْتَهَدَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ . وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [ الطَّلَاقِ : 7 ] . فَأُجْمِلَ قَدْرُ النَّفَقَةِ فِي أَقَلِّهَا وَأَوْسَطِهَا وَأَكْثَرِهَا حَتَّى اجْتَهَدَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيرِهَا فَهَذَا وَنَظَائِرُهُ مِنَ الْمُجْمَلِ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ إِلَى بَيَانِ السَّمْعِ ، فَبَيَانُهُ سَاقِطٌ عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أُصُولِ الْأَدِلَّةِ الْمَشْهُورَةِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925489سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ : " تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ " فَوَكَلَهُ إِلَى الِاجْتِهَادِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَيَانِ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْبَيَانِ الصَّادِرِ عَنْ الِاجْتِهَادِ هَلْ يُؤْخَذُ قِيَاسًا أَوْ تَنْبِيهًا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : يُؤْخَذُ تَنْبِيهًا مِنْ لَفْظِ الْمُجْمَلِ وَشَوَاهِدِ أَحْوَالِهِ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِعُمَرَ فِي الْكَلَالَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923595تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ " فَرَدَّهُ إِلَيْهَا لِيَسْتَدِلَّ بِمَا تَضَمَّنَهَا مِنْ تَنْبِيهٍ وَشَوَاهِدِ حَالٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ قِيَاسًا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بَيَانُهُ مِنْ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925490لِأَنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قُبْلَةِ الصَّائِمِ فَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ فَجَعَلَ الْقُبْلَةَ بِغَيْرِ إِنْزَالٍ كَالْمَضْمَضَةِ بِلَا ازْدِرَادٍ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْمُجْمَلِ : مَا يَفْتَقِرُ بَيَانُهُ إِلَى السَّمْعِ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [ الْبَقَرَةِ : 43 ] . لَا يُوصَلُ إِلَى بَيَانِهِ إِلَّا مِنْ نَصٍّ مَسْمُوعٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ . فَعَلَى هَذَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ بَيَانُهُ وَبَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=21342تَخْصِيصِ الْعُمُومِ عَنْ وَقْتِ نُزُولِهِ إِلَى وَقْتِ تَنْفِيذِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ أَمْ لَا ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : يَجُوزُ أَنْ يُؤَخَّرَ بَيَانُ الْعُمُومِ وَالْمُجْمَلِ عَنْ وَقْتِ النُّزُولِ إِلَى وَقْتِ التَّنْفِيذِ وَالِاسْتِعْمَالِ ، لِأَنَّ
مُعَاذًا أَخَّرَ بَيَانَ الزَّكَاةِ
لِأَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُجْمَلِ وَالْعُمُومِ عَنْ وَقْتِ النُّزُولِ إِلَى وَقْتِ التَّنْفِيذِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيَانِ وَلِيَحْتَرِزَ بِتَعْجِيلِهِ مِنِ اخْتِرَامِ الْمَنِيَّةِ لِلرَّسُولِ الْمُبِينِ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْعُمُومِ : لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيَانِ مَفْهُومٌ ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُجْمَلِ : لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيَانِ غَيْرُ مَفْهُومٍ .