فصل : [ القسم السادس الناسخ والمنسوخ ] .
وأما القسم السادس وهو
فالنسخ هو رفع ما ثبت حكمه في الشرع دون العقل ، لأن واجبات العقول لا يجوز نسخها بشرع ولا عقل . الناسخ والمنسوخ .
فالنسخ مختص بالأحكام المشتملة على الأوامر والنواهي دون الأخبار ، لأن نسخ الخبر مفض إلى دخول الكذب في ناسخه أو منسوخه ، ونسخ الحكم إنما هو العلم بانقضاء مدته .
وهو مأخوذ في اللغة من قولهم نسخ المطر الأثر إذا أزاله ونسخت الشمس الظل إذا زال بها فسمي في الشرع نسخا لزوال الحكم به كما سمي به نسخ الكتاب لإزالة الأصل بإثبات فرعه .
[ ص: 76 ] وليس يمتنع في العقل ولا في الشرع نسخ الأحكام الشرعية لأنها معتبرة بالمصالح .
وقد تختلف المصالح باختلاف الزمان فيكون المنسوخ مصلحة في الزمان الأول دون الثاني ، ويكون الناسخ مصلحة في الزمان الثاني دون الأول ، فيكون كل واحد منهما مصلحة في زمانه وحسنا في وقته وإن تضادا .
ولا يكون بداء ورجوعا فيستقبح كما زعم قوم لأن البداء هو الرجوع فيما تقدم من أمر ونهي ، والنسخ هو أمر بالشيء في وقت والنهي في غيره فافترقا .
فإذا تقرر ما ذكرناه من في الأوامر والنواهي دون الأخبار ، فالنسخ جائز في الكتاب والسنة : لأن كل واحد منهما أصل لأحكام الشرع فإذا جاءت في الكتاب الذي هو أصل السنة كان في السنة أجوز . وإذا كان كذلك فالناسخ والمنسوخ في الكتاب والسنة يشتمل على تفصيل بيانه على سبعة أقسام : اختصاص النسخ بالأحكام الشرعية دون العقلية
أحدها : ما يقع فيه النسخ .
والثاني : ما يقع به النسخ .
والثالث : في أحكام النسخ .
والرابع : في أحوال النسخ .
والخامس : في زمان النسخ .
والسادس : في دلائل النسخ .
والسابع : في الفرق بين التخصيص والنسخ .