فصل : [ المصدر الثاني - السنة ] .  
وأما  الأصل الثاني من أصول الشرع فهو سنة رسول الله      - صلى الله عليه وسلم - .  
لأن الله تعالى ختم برسوله النبوة ، وكمل به الشريعة ، وجعل الله تعالى بيان ما أخفاه من مجمل أو متشابه ، وإظهار ما يشرعه من أحكام ومصالح فقال تعالى :  وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم      [ النحل : 44 ] .  
[  القول في حجية السنة      ] .  
ولما جعله بهذه المنزلة أوجب  على الناس طاعته في قبول ما شرعه لهم وامتثال ما يأمرهم به وينهاهم عنه   فقال تعالى :  وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا      [ الحشر : 17 ] .  
وأوجب عليه لأمته أمرين      :  
أحدهما : البيان .  
والثاني : البلاغ قال الله تعالى  ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته      [ المائدة : 67 ] .  
وأوجب للرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته أمرين      :  
أحدهما : طاعته في قبول قوله .  
والثاني : أن يبلغوا عنه ما أخبرهم به كما قال - صلى الله عليه وسلم - :  ليبلغ الشاهد منكم الغائب  وقال - صلى الله عليه وسلم - : "  بلغوا عني ولا تكذبوا علي فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه     " .  
ولما كان الرسول لا يقدر أن يبلغ جميع الناس للعجز عنه اقتصر على إبلاغ من حضر لينقله الحاضر إلى الغائب .  
ولما لم يبق فيهم إلى الأبد فكل من يأتي في عصر بعد عصر يأخذون عمن      [ ص: 85 ] تقدمهم من عصر وينقلون إلى من بعدهم من عصر لينقل عنه كل سلف إلى خلفه فيستديم على الأبد نقل سنته ويعلم جميع ما يأتي لشرائعه .  
فصار نقل الأخبار عنه واجبا على أهل كل عصر وقبولها واجبا في كل عصر .  
فلذلك صارت الأخبار عنه ، أصلا من أصول الشرع .  
				
						
						
