فصل : [ رابعا - القياس ] .  
فأما الأصل الرابع من أصول الشرع وهو القياس فله مقدمتان :  
إحداهما : الاجتهاد .  
والثانية : الاستنباط .  
الاجتهاد   
فأما الاجتهاد : فهو مأخوذ من إجهاد النفس وكدها في طلب المراد به . كما أن جهاد العدو من إجهاد النفس في قهر العدو ، والاجتهاد هو طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه .  
 [ ص: 118 ] وزعم  ابن أبي هريرة   أن الاجتهاد هو القياس ونسبه إلى  الشافعي   من كلام اشتبه عليه في كتاب الرسالة .  
والذي قاله  الشافعي   في هذا الكتاب : أن معنى الاجتهاد معنى القياس .  
يريد به أن كل واحد منهما يتوصل به إلى حكم غير منصوص عليه .  
والفرق بين الاجتهاد والقياس      : أن الاجتهاد هو ما وصفناه من أنه طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه ، والقياس هو الجمع بين الفرع والأصل لاشتراكهما في علة الأصل ، فافترقا ، غير أن القياس يفتقر إلى اجتهاد ، وقد لا يفتقر الاجتهاد إلى القياس على ما سنوضحه فلذلك جعلنا الاجتهاد مقدمة للقياس .  
والدليل على أن الاجتهاد له أصل يعتمد عليه في أحكام الشرع :  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال  لمعاذ   حين بعثه إلى  اليمن      : " بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال أجتهد رأيي . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله  ، فدل على أن الاجتهاد عند عدم النص أصل في أحكام الشرع .  
وإذا كان كذلك فالكلام في الاجتهاد يشتمل على أربعة فصول :  
أحدها : فيمن يجوز له الاجتهاد .  
الثاني : في وجوه الاجتهاد .  
والثالث : فيما يجب بالاجتهاد .  
والرابع : في حكم الاجتهاد .  
				
						
						
