. من يبدأ بالكلام من الخصمين
مسألة : قال الشافعي : وينبغي أن يبتدئ الطالب فإذا أنفذ حجته تكلم المطلوب " .
قال الماوردي : أما إن اتفقا على الطالب منهما والمطلوب ، : لأن كلام الطالب سؤال ، وكلام المطلوب جواب . فإن فالمبتدئ بالكلام منهما هو الطالب قبل المطلوب فقال كل واحد منهما : أنا طالب وأنت مطلوب ، نظر : فإن سبق أحدهما فهو الطالب ، وصاحبه هو المطلوب وإن قالا معا ، ولم يسبق به أحدهما ، ففيه ما قدمناه من الوجهين : تنازعا في الطالب والمطلوب منهما
أحدهما : الإقراع بينهما .
والثاني : صرفهما حتى يتفقا على الطالب منهما .
[ ص: 280 ] فإذا صار أحدهما طالبا والآخر مطلوبا ، بدأ الطالب بدعواه فإن عارضه المطلوب في الكلام ، قبل استيفاء الدعوى ، منعه القاضي من معارضته ، حتى يستوفيها .
فلو أن وقال قد أثبت دعواي في هذه الرقعة ، وأنا مطالب له بما فيها ، فقد اختلف فيه ، على وجهين : الطالب كتب دعواه في رقعة ثم دفعها إلى القاضي
أحدهما : أنه لا يقبل القاضي هذا منه حتى يذكره نطقا بلسانه ، أو يوكل من ينوب عنه ، وهو قول شريح ؛ لأن الطلب يكون باللسان ، دون الخط .
والوجه الثاني : أن القاضي وإن لم يجب عليه فلا بد أن يقرأها على الطالب ويقول له : أهكذا تقول أو تدعي ؟
فإذا قال : نعم ، سأل المطلوب عن الجواب ، ولا يجوز أن يسأله قبل قراءتها على الطالب واعترافه بما تضمنها .
فإن ، كانا في القبول والامتناع على سواء إن جوزناه في الطالب . فعل المطلوب في جواب الدعوى مثل ذلك وكتب جوابه في رقعة ودفعها إلى الحاكم ، فقال : هذا جوابي عن الدعوى
فإن قدم المطلوب الإقرار قبل استيفاء الدعوى ، لزمه الإقرار ، وسقط جوابه عن الدعوى إذا وافقت إقراره .
وإن قدم الإنكار لم يقنع في الجواب وطولب به بعد استيفاء الدعوى : لأن الإقرار التزام ، جاز تقديمه ، والإنكار إسقاط فلم يجز تقديمه ، فإن أنكر بعد استيفاء الدعوى ، فقد اختلف فيما يختار أن يقوله القاضي للطالب .
فاختار بعض أصحابنا أن يقول له القاضي : قد أنكرك ما ادعيته عليه فماذا تريد ؟
وقال آخرون منهم : ؟ وهو الأشبه . لرواية الاختيار أن يقول قد أنكرك ما ادعيت ، فهل من بينة وائل بن حجر أن رجلا من حضرموت حاكم رجلا من كندة ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض فقال للحضرمي : ؟ قال : لا . فقال : فيمينه ، فقال : يا رسول الله إنه فاجر ، ليس يبالي ما حلف عليه ، وليس يتورع من شيء ، فقال : ألك بينة . ليس لك إلا ذاك