فصل : وعارضهم  الشافعي   بهذا الفصل الخامس ، فقال : وقد أجزتم  شهادة أهل الذمة   ، وهم غير الذين شرط الله تعالى أن تجوز شهادتهم ، ورددتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد ؟ يعني أن الله تعالى شرط :  ممن ترضون من الشهداء   ، [ البقرة : 282 ] . وليس الكفار بمرضيين ، ولا يجعلونه مخالفا للنص ، ويجعلون  القضاء باليمين مع الشاهد   ، وليس بمخالف للنص ، مخالفا للنص ، فأجابوه بما حكاه عنهم أن قالوا : إنما أجزنا شهادة أهل الذمة ، بقول الله تعالى :  أو آخران من غيركم      " [ المائدة : 106 ] . فأبطل جوابهم من أربعة أوجه :  
الأول : أن قال : سمعت من أرضى بقوله : " من غير قبيلتكم من المسلمين " ولئن تردد التأويل بين احتمالين من غير أهل دينكم ، ومن غير أهل قبلتكم فحمله على غير أهل القبيلة ، لموافقة النص - أولى من حمله على غير أهل الدين لمخالفة النص مع قوله :  تحبسونهما من بعد الصلاة      [ المائدة : 106 ] .  
والثاني : أنها نزلت في العرب ، وكفارهم مشركون لا يقبل  أبو حنيفة   شهادتهم ، وإنما يقبل شهادة أهل الذمة والكتاب .  
والثالث : أنها نزلت في وصية مسلم ،  وأبو حنيفة   لا يجيز شهادة أهل الكتاب لمسلم ، ولا عليه ، وإنما يجيزها لبعضهم على بعض ، فإنه منع منها في المسلم مع مجيء القرآن بها ، لأنها منسوخة عنده ، ورد شهادة أهل الشرك عموما ، وفي أهل الكتاب لمسلم ، وعلى مسلم .  
فاعترض عليه  الشافعي   ، فقال : " بماذا نسخت ؟ فقال : بقول الله تعالى :  ممن ترضون من الشهداء      [ البقرة : 282 ] ، فأجابه  الشافعي   عنه ، فقال : زعمت بلسانك      [ ص: 106 ] أنك خالفت الكتاب إذ لم يجز الله إلا مسلما ، وأجزت كافرا .  
				
						
						
