[ ص: 134 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وإن حلف المدعى عليه أو لم يحلف ، فنكل المدعي ، فأبطلنا يمينه ، ثم جاء بشاهدين ، أو بشاهد وحلف مع شاهده ، أخذنا له حقه ، والبينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة .
قال الماوردي : وصورتها في ، سمعت بينته في قول جمهور الفقهاء . دعوى أحلف المنكر عليها ، ثم أحضر المدعي بعد اليمين بينة
وقال ابن أبي ليلى : لا تسمع بينته على المدعى عليه بعد يمينه استدلالا بأن الحكم قد نفذ بسقوط الدعوى ، وبراءة الذمة ، فلم يجز أن ينقض بسماع البينة واستحقاق الدعوى .
ولأنه قد اعتاض عن الدعوى باليمين ، فلم يجز أن يجمع بين عوضين .
ودليلنا : ما رواه رجاء بن حيوة ابن عمر ، قال : اختصم رجال من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله ، وهو عليه غضبان . عن
فموضع الدليل منه أنه لم يجعل اليمين مبرئة في الباطن ، وإن انقطعت بها المطالبة في الظاهر ، فإذا قامت بها البينة ، لزمت في الظاهر والباطن .
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : البينة أحق من اليمين الفاجرة .
وقد روي هذا مسندا من طريق لا يثبت ، وهو صريح في موضع الخلاف ، وحجته أن وقف وأسند ، لأنه لم يظهر لعمر فيه مخالف ، ولأن الحق يثبت بالإقرار تارة ، وبالبينة أخرى .
فإذا لم تمنع اليمين من ثبوت الحق بالإقرار ، لم تمنع من ثبوته بالبينة ، ولو برئ باليمين لسقط بالإقرار ، وفيه جواب عن الاستدلال بالبراءة ، وتؤخذ العوض باليمين ، لأن اليمين تسقط المطالبة ، ولا تبرئ من الحق ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " " . إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار