فصل : والضرب الثاني : ، فهو على ضربين : وأن لا يخالف بمعتقده الإجماع
أحدهما : أن تفضي به المخالفة إلى ، فهو على ضربين : القدح في بعض الصحابة
سب وجرح .
[ ص: 173 ] فإن كان القدح سبا ، فسق به ، وعزر من أجله .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سب نبيا ، فقد كفر ، ومن سب صحابيا فقد فسق " .
وليس من عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم وشاهده كان من الصحابة ، وإنما : يشتمل اسم الصحابة على من اجتمع فيه شرطان
أحدهما : أن يتخصص بالرسول صلى الله عليه وسلم .
والثاني : أن يتخصص به الرسول صلى الله عليه وسلم .
فأما اختصاصه بالرسول ، فيكون من أمرين .
أحدهما : مكاثرته في حضره وسفره .
والثاني : متابعته في الدين والدنيا .
وليس من قدم عليه من الوفود ، ولا من غزا معه من الأعراب من الصحابة لعدم هذين الشرطين فيهم .
وأما اختصاص الرسول به ، فيكون به بأمرين :
أحدهما : أن يثق بسرائرهم .
والثاني : أن يقضي بأوامره ونواهيه إليهم .
ولذلك لم يكن المنافقون من الصحابة لعدم هذين الأمرين فيهم ، فصار الصحابي من تكامل فيه ما ذكرناه ، ومن أخل بها خرج منهم .
وإن كان ينسب بعضهم إلى فسق وضلال - نظر : فإن كان من أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، صار باعتقاده لفسقه فاسقا مردود الشهادة . القدح في الصحابة جرحا
وإن لم يكن من العشرة - نظر : فإن كان من أهل بيعة الرضوان ، صار بتفسيق أحدهم فاسقا : لأن الله تعالى أخبر بالرضا عنهم .
وإن لم يكن من أهل بيعة الرضوان نظر : فإن كان قبل ، صار بتفسيقه للصحابة فاسقا ، مردود الشهادة . تنازع الصحابة رضي الله عنهم في قتال الجمل وصفين
وإن كان قد دخل في تنازع أهل الجمل وصفين ، فقد اختلف أهل العلم من أصحابنا وغيرهم في تنازعهم هل نقلهم عن الحكم المتقدم فيهم أم لا ؟ على وجهين :
[ ص: 174 ] أحدهما : وهو قول أكثرهم ، أنهم على استدامة حكم الرسول فيهم من القطع بعدالتهم في الظاهر والباطن . ولا يكشف عن سرائرهم في رواية خبر ولا في ثبوت شهادة ، استدامة لحكم الصحبة فيهم ، ومن فسق أحدهم كان بتفسيقه فاسقا ، لأنهم في التنازع متأولون .
والوجه الثاني : أنهم صاروا بعد التنازع كغيرهم من أهل الأعصار عدولا في الظاهر دون الباطن ، وزال عنهم القطع بعدالتهم في الظاهر والباطن ، فلا تقبل شهادة أحدهم إلا بعد الكشف عن عدالة باطنه .
ومن فسق أحدهم لم يفسق بتفسيقه ، وكان على عدالته في قبول شهادته ، لأنهم انتقلوا بالتنازع عن الألفة إلى التقاطع ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " " . وقد أحدث التنازع فيهم ما نهاهم عنه . لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا